للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في لاهور عام ١٠٥٣ كان في معيته عشرة آلاف من الأشراف والمشايخ وغيرهم، حتى توجس شاهجان ملك الهند منه

خيفة، فأرسل إليه بمبلغ من المال، ثم قال له: قد فرض الله عليك الحج فعليك بالحجاز، فعرف إيعاز الملك، وسافر إلى الحرمين حيث مات (١) .

وهذا الشيخ محمد معصوم (م ١٠٧٩) ابن الشيخ الكبير أحمد السرهندي قد بايعه وتاب على يده تسعمائة ألف من الرجال، واستخلف في دعاء الخلق إلى الله وإرشاد الناس وتربيتهم الدينية سبعة آلاف من الرجال (٢) .

وهذه ابنه الشيخ سيف الدين السرهندي (م ١٠٩٦) كان يأكل على مائدته ألف وأربعمائة، ويقترحون الأطعمة ويتخيرونها (٣) .

وهذا الشيخ محمد زبير السرهندي (م ١١٥١) كان إذا خرج من بيته ألقى له الأغنياء الشيلان والمناديل حتى لا يطأ الأرض، وإذا خرج لعيادة مريض أو لبعض شأنه خرج في ركابه الأغنياء والأمراء فكان موكباً مثل مواكب الملوك (٤) .

وهذه أمثلة قليلة لا نقصد منها إلا الاستدلال على ما كان للدين من مكانة وشرف في عيون الناس، وعلى ما كان من احتفاء برجاله ومن يمثلونه، وخضوعهم لسلطان الدين فوق سلطان القوة، وتهافتهم على موارد الدين ومشارعه، وهذه أمثلة التقطناها على عجل من تاريخ الهند الإسلامي ولمحات عابرة فيه؛ ولو ذهبنا نستقصي أمثلته وشواهده من تاريخ الإسلام العام ومن تراجم الرجال الدينيين وسيرهم في بلاد الشام ومصر والمغرب الأقصى والعراق لكان مجلداً كبيراً - ونكتفي هنا بذكر الشيخ خالد الكردي (م ١٢٤٢ هـ) الذي ازدحم الناس عليه في بغداد يتوبون على يديه ويستفيدون منه، وقد أخبر شيخه في رسالة كتبها إليه أن مائة من العلماء الفحول قد تخرجوا عليه، وأن خمسمائة من كبار العلماء قد دخلوا في بيعته، وأما


(١) التذكرة الآدمية (الفارسية) .
(٢) نزهة الخواطر، المجلد الخامس، للشيخ عبد الحي الحسني.
(٣) ذيل الرشحات (الفارسية)
(٤) در المعارف (الفارسية) ، نزهة الخواطر (العربية) .

<<  <   >  >>