للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أيضاً فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله، فلما كانت الرابعة حفر له حفرة ثم أمر فرُجم.

قال فجاءت الغامدية فقالت: ((يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني)) وأنه ردها فلما كان الغد قالت: يا رسول الله لِم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزاً، فو الله إني لحبلى. قال: أما لا فاذهبي حتى تلدي. قال: فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت: هذا قد ولدته. قال: فاذهبي فأرضعيه حتى تطعميه. فلما فطمته أتته بالصبي، في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام. فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين. ثم أمر فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها. فاستقبلها خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع نبي الله سبه إياها فقال: ((مهلاً يا خالد، فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له)) ثم أمر بها فصلى عليه ودفنت (١) .

الثبات أمام المطامع والشهوات:

وكان هذا الإيمان حارساً لأمانة الإنسان وعفافه وكرامته، يملك نفسه النزع أمام المطامع والشهوات الجارفة وفي الخلوة والوحدة حيث لا يراها أحد. وفي سلطانه ونفوذه حيث لا يخاف أحداً. وقد وقع في تاريخ الفتح الإسلامي من قضايا العفاف عند المغنم وأداء الأمانات إلى أهلها والإخلاص لله، ما يعجز التاريخ البشري عن نظائره، وما ذاك إلا نتيجة رسوخ الإيمان ومراقبة الله واستحضار علمه في كل مكان وزمان.

حدث الطبري قال: لما هبط المسلمون المدائن وجمعوا الأقباض أقبل رجل بحُقٍّ معه فدفعه إلى صاحب الأقباض. فقال والذين معه: ما رأينا مثل هذا قط. ما يعدله ما عندنا ولا يقاربه. فقالوا: هل أخذت منه شيئاً؟ فقال: أما والله لولا الله ما أتيتكم به. فعرفوا أن للرجل شأناً فقالوا: من أنت؟ فقال: لا والله لا أخبركم لتحمدوني ولا غيركم ليقرظوني. ولكني أحمد الله وأرضى بثوابه فأتبعوه رجلاً حتى انتهى إلى أصحابه فسأل عنه فإذا هو عامر بن عبد قيس (٢) .


(١) صحيح مسلم، كتاب الحدود.
(٢) تاريخ الطبري ج ٤ ص ١٦.

<<  <   >  >>