وصحح ابن حجر كونه يكتب بالعبرانية والعربية؛ لأن ورقة تعلم اللسان العبراني والكتابة العبرانية، فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي، وقد جاءت الرواية بهما لتمكنه من الكتابين واللسانين، وبهذا يعرف بطلان من يزعم أن القرآن عبارة عن كلام الله، وكلام الله واحد، إن كان بالعربية كان قرآناً، وإن كان بالعبرانية كان إنجيلاً، وإن كان بالسريانية كان توراةً، نعم إن كان بالعربية كان قرآناً، وإن كان بالعبرية أو العبرانية كان توراةً، وبالسريانية كان إنجيلاً؛ لأنه لو قلنا بهذا لقلنا: أن ورقة ما استفاد، ما استفاد شيئاً من الدين الجديد، نعم؛ لأنه مجرد ما يترجمه من لغة إلى لغة يصير على ما أراد، إن ترجمه بالعربية صار هو القرآن نفسه، مع العلم بأنه قرأ التوراة والإنجيل وترجمهما إلى العربية وإلى لغةٍ أخرى، إما السريانية وإما العبرانية قبل نزول القرآن، حقيقةً مثل هذا الكلام لا يدعمه لا عقل ولا نقل، ولا يؤيده رأي ولا دليل، وإنما وصف بكتابة الإنجيل دون حفظه؛ لأن حفظ التوراة والإنجيل لم يكن متيسراً كتيسر حفظ القرآن الذي خصت به هذه الأمة، لذا جاء في صفتها:"أناجيلها في صدورها"، وكان ورقة شيخاً كبيراً قد عمي، "فقالت خديجة -رضي الله عنها-: يا ابن عم"، هذا النداء على حقيقته؛ لأنه بمنزلتها وفي مرتبتها في النسب، ووقع في مسلم:"يا عم"، وهو وهم؛ لأنه وإن كان صحيحاً لجواز إرادة التوقير لكن القصة واحدة، لم يتعدد مخرجها، بل مخرجها متحد فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين، فيتعين الحمل على الحقيقة، وإنما صحح وجوز ذلك في العربي والعبراني، قد يقول قائل: لماذا منعنا يا عم، وقلنا: أن مخرج القصة واحد، وقلنا: يكتب الكتاب العبراني، وفي رواية العربي وصححنا اللفظين، وإنما صحح وجوز ذلك في العربي والعبراني لأنه من كلام الراوي، الراوي هو الذي تحدث عن ورقة بأنه يكتب الكتاب العربي والعبراني؛ لأنه من كلام الراوي في وصف ورقة، واختلفت المخارج فأمكن التعداد، وهذا الحكم يضطرد في جميع ما أشبهه، اللفظ المنسوب إلى مصدره إذا لم يتعدد مخرجه فإنه يرجح بين ألفاظه ولا يجوز الاحتمال، ولا يصوغ تجويز أكثر من احتمال، بينما إذا