ومنها ما يتعلق بالعامة، وهي سبعة عشرة خصلة: القيام بالأمرة مع العدل، ومتابعة الجماعة، وطاعة أولي الأمر، والإصلاح بين الناس، ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة، والمعاونة على البر، ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود والجهاد، ومنه المرابطة وأداء الأمانة، ومنها أداء الخمس، والقرض مع وفائه، وإكرام الجار، وحسن المعاملة، وفيه جمع المال من حله، وإنفاق المال في حقه، ومنه ترك التبذير والإسراف، ورد السلام، وتشميت العاطس، وكف الأذى من الناس واجتناب اللهو، وإماطة الأذى عن الطريق، فهذه تسع وستون خصلة، ويمكن عده تسع وسبعين خصلة باعتبار أفراد ما ضم بعضه إلى بعض مما ذُكر، والله أعلم، هكذا ذكر الحافظ -رحمه الله تعالى-.
وعندي أن الإبهام وعدم التوقيف في مثل هذه الأمور مقصد شرعي؛ لكي يتنافس المسلمون، ويجتهد المؤمنون في تتبع جميع ما جاء عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويحرص على العمل بجميع ذلك وحصرها، والجزم بأن هذا مراد الله سبحانه على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيه جزم بغير علم، إذاً المسألة تحتاج إلى توقيف نظير ما جاء في الحث على إحصاء الأسماء الحسنى، جاء في الحديث الصحيح:((إن لله -سبحانه وتعالى- تسعة وتسعين اسماً، من أحصاها دخل الجنة)) وما جاء بيانها في المرفوع، تركت هذه ليعتنى بالأسماء الحسنى كلها، فكل اسم من الأسماء الحسنى يعتنى به، ويدعى به الرب -جل وعلا-، من باب حث الناس على العناية بهذه الأسماء، ومثله إبهام ليلة القدر كي يجتهد الناس في طلب ليلة القدر، ولو بينت في ليلة معينة لاعتنى بها الناس، وترك الناس ما عداها، ومثلها ساعة الجمعة جاءت أحاديث تدل على أنها في منتصف النهار، وجاء أنها في آخر ساعة وغير ذلك.
المقدم: أحسن الله إليكم: ألا يمكن أن يقال: إن هذا الحديث في رد على من زعم أن الإيمان هو الاعتقاد فحسب؛ لأنه جمع الأصول الثلاثة، القول والعمل والاعتقاد، فقول: لا إله إلا الله هذه شعبة مهمة، وهي بالقول، والحياء قلبي، وإماطة الأذى عن الطريق بالفعل، ألا يمكن أن يرد عليهم بهذا الحديث وأمثاله؟