للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

((ما يحب لنفسه)) أي مثل ما يحب لنفسه كما تقدم، وعند النسائي والإسماعيلي وابن منده: ((من الخير)) والخير: كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية، وتخرج المنهيات؛ لأن الخير لا يتناولها، قال فتح المبدي: فإذا كان سارقاً مثلاً لم يكن من الإيمان أن يحب السرقة لأخيه، وإنما قدر لفظ (مثل) لأن المحبوب الواحد يستحيل أن يحصل في محلين، والمراد بالمثلية مطلق المشاركة، ولذا قال بعضهم: لعل المراد ترك الحسد والعداوة، وحصول كمال المودة حتى يقرب أن ينزل أخاه منزلة نفسه في الخيرات، أو المراد أن يحب ذلك في الأعم الأغلب، ولا يلزم في كل شيء، سيما إن لم يكن للشيء إلا فرد واحد، إذا لم يكن في الوجود إلا شيء واحد كيف يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ أولاً: الحديث جاء بصيغة العموم: ((يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) (ما) من صيغ العموم، يعني جميع ما يحبه لنفسه يحبه لأخيه، لكن إذا لم يكن في الوجود إلا شيء واحد كالوسيلة مثلاً، والمقام المحمود فإنه لا يمكن الاشتراك فيها حتى يحبه لغيره، فلا يرد الإشكال بسؤال سليمان -عليه السلام- تخصيص الملك به بقوله: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [(٣٥) سورة ص] وبما حكاه الله عن عباده الصالحين من قولهم: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [(٧٤) سورة الفرقان] وجه الاستشهاد من الوسيلة والمقام المحمود ظاهر، الوسيلة والمقام المحمود لا تنبغي إلا لشخص واحد، وهو الرسول -عليه الصلاة والسلام- {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [(٣٥) سورة ص] هل نقول: إن سليمان وهو يقول هذا الكلام أنه يحب لغيره من الناس أن يوهب لهم الملك بحيث .... يكونوا مثله؟ {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [(٣٥) سورة ص] هذا في شريعتهم، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن يوثق الجني الذي تفلت عليه في صلاته، قال: ((تذكرت دعوة أخي

<<  <  ج: ص:  >  >>