يبقى {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [(٧٤) سورة الفرقان] أنه لا بد من إمام ومأموم، ولا يمكن بل يستحيل أن يكون كل الناس أئمة، فإذا كان الخيار بين إمام أو مأموم نعم يختار الإنسان لنفسه الأعلى.
طالب: أحسن الله إليكم يا شيخ الآن إذا كان مثل هذه الآية {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [(٧٤) سورة الفرقان] لا يمكن اجتماع الإمام والمأموم هل هذا يتعارض مع كون المؤمن يحب لأخيه كما يحب لنفسه أن يكونوا جميعاً أئمة؟ وكذا حتى ما ذكرتم من الوسيلة والمقام المحمود مع كون هذا لن يحصل لهم جميعاً، لكن المحبة هل يلزم منها الوقوع حتى يتعارضا؟
نقول: المحبة هنا يحب الإنسان أن يكون إماماً، وقد دعا العباد الصالحون بأن يجعلهم الله للمتقين إماماً، نعم، لكن هل يتصور أن يكون الناس كلهم أئمة؟ فإما أن يكون الحديث جرى مجرى الغالب، كما تقدمت الإشارة إليه، وإن كان من صيغ العموم، لكن لا بد من تخصيصه بمثل هذه الآية؛ لأنه لا يمكن أن يجتمع في آن واحد الناس كلهم أئمة، بل لا بد أن يكون هناك إمام ومأموم، لكن الإمامة لا تعني الفضل مطلقاً، بل قد يكون من المأمومين من هو أفضل من الإمام، على أن المراد بالإمام هنا الإمامة في الدين، ليس معناها في الصلاة خاصة، الإمامة في الدين عموماً، والإمامة في الدين فضل مطلق، في قول الكرماني: ومن الإيمان أيضاً أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر، ولم يذكره لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاءً، والله أعلم، هو يستفاد من مفهوم الحديث لا من منطوقه.