للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب الباقون عن ظاهر الحديث أي: ((جعل عتقها صداقها)) وحديث الباب: ((ثم أعتقها فتزوجها)) أجاب الباقون عن ظاهر الحديث أجوبة أقربها إلى لفظ الحديث: أنه أعتقها بشرط أن يتزوجها، فوجبت له عليها قيمتها، وكانت معلومة فتزوجها بها، حديث ((أعتق صفية وجعل عتقها صداقها)) كأنه قال: أعتقك على أن أتزوجك، بمعنى كأنه قال: يعتقك بمبلغ كذا، ويكون هو الصداق؛ لأنهم قالوا: أنه أعتقها بشرط أن يتزوجها، فوجبت له عليها قيمتها وكانت معلومة فتزوجها بها، وقال آخرون: هذا من خصائصه -صلى الله عليه وسلم- له أن يجعل العتق صداقاً.

وممن. . . . . . . . . من ذلك الماوردي، وقيل: أن هذا ظنٌ من أنس -رضي الله عنه-، أنس الذي قال: جعل عتقها صداقها، فهذا بناءً على فهمه هو.

وقيل: إن هذا ظنٌ من أنس -رضي الله عنه-، وإلا فقد أصدقها أمة، يقال لها رزينة، كما عند البيهقي لكنه ضعيف لا تقوم به الحجة؛ لأنه لا يقال منه: ((وجعل عتقها صداقها))، وقال الترمذي بعد أن خرج الحديث، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق: وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها، حتى يجعل لها مهراً سوى العتق، والقول الأول أصح.

قال ابن حجر: وكذا نقل ابن حزم عن الشافعي، والمعروف عند الشافعية أن ذلك لا يصح، أي: لا يجعل العتق صداق، وإنما لا بد من تسمية مهر غير العتق.

وقال ابن دقيق العيد: الظاهر مع أحمد ومن وافقه، والقياس مع الآخرين، فيتردد الحال بين ظن نشأ عن قياس، وبين ظنٍ نشأ عن ظاهر الخبر، مع ما تحتمله الواقعة من الخصوصية، وهي وإن كانت على خلاف الأصل، يعني خصوصية لكن يتقوى ذلك بكثرة خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- في النكاح.

أقول: تخصيصه -صلى الله عليه وسلم- بذلك ليس ببعيد، مثل اختصاصه بالواهبة، الواهبة المذكورة في سورة الأحزاب {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [(٥٠) سورة الأحزاب] فمن خصائصه في النكاح من وهبت نفسها له دون صداق، وهذا لا يصح لغيره؛ لأن خالصة له -عليه الصلاة والسلام- من دون المؤمنين. فليقل مثل هذا من خصائصه.

<<  <  ج: ص:  >  >>