يقول. . . . . . . . .: مؤمن أهل الكتاب لا بد أن يكون مع إيمانه بنبيه مؤمناً بمحمد -صلى الله عليه وسلم- للعهد المتقدم والميثاق في قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} [(٨١) سورة آل عمران].
المفسر بأخذ الميثاق من النبيين وأممهم مع وصفه تعالى له في التوراة والإنجيل، فإذا بعث -صلى الله عليه وسلم -فالإيمان به مستمر.
يقول: فإن قلت فإذا كان الأمر كما ذكرت فكيف تعدد إيمانه حتى تعدد أجره، إذا كان الإيمان بمحمد -عليه الصلاة والسلام- من مقتضيات الإيمان بموسى وعيسى، فكيف تعدد إيمانه حتى تعدد أجره، أجيب بأن إيمانه أولاً تعلق بأن الموصوف بكذا رسول، وإيمانه ثانياً تعلق بأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو الموصوف بتلك الصفات فهما معلومان متباينان فجاء التعدد، كذا قال. يعني كأنه يقول: إيمانه بوقت نبيه من غير تسمية, هذا الذي يأتي هذا الموصوف رسول، ثم بعد ذلك إيمانه بمحمد الإيمان بالتسمية، وأن هذه الأوصاف لرسول يسمى محمد، لكن هذا متجه، يقول: فهما معلومات متباينان فجاء التعدد، التسمية جاءت حتى بالشرائع السابقة، ولهذا يقول عيسى -عليه السلام-: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [(٦) سورة الصف]، أقول: كذا قال والذي يظهر لي أن إيمانه بمحمد -صلى الله عليه وسلم- في زمن نبيه إجمالي، وإيمانه به بعد بعثته تفصيلي، كإيماننا ببعض الأنبياء الذين لا نعرف عنهم إلا الأسماء، ونعرف شيئاً من أمورهم حسب ما ورد من شرعنا عنهم، إيمان إجمالي، فهل من مقتضى إيماننا بموسى وعيسى أن ندرس شرائعهم؟
شرائعهم منسوخة بالدين، لكن من مقتضى ذلك، ومن شرط صحة الإيمان، بل ركن من أركانه أن نؤمن بهما وبغيرهما ممن عرفناهم من الأنبياء.