فالجواب: أن الغالب على أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- الورع، وعدم النظر إلى النساء، فلا مانع عقلاً ولا شرعاً ولا عادة من كونها لم ينظر إليها أحد منهم، ولو نظر إليها لحكي كما حكي نظر الفضل إليها، ويفهم من صرف النبي -صلى الله عليه وسلم- بصر الفضل عنها أنه لا سبيل إلى ترك الأجانب ينظرون إلى الشابة وهي سافرة كما ترى، وقد دلت الأدلة على أنه يلزمها حجاب جميع بدنها عنهم.
وبالجملة -يقول الشيخ-: فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب مع أن الوجه هو أصل الجمال، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغريزة البشرية، وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي، ألم تسمع بعضهم يقول:
قلت: اسمحوا لي أن أفوز بنظرة ... ودعوا القيامة بعد ذاك تقومُ
المقدم: أعوذ بالله.
أيرضى الإنسان أو يسمح له -لمثل هذا- بهذه النظرة إلى نسائه وأخواته وبناته، مثل هؤلاء الذين يتحينون الغرات من المؤمنات الغافلات، يسمح لهم أن ينظروا إلى الوجوه مع تقرير الشرع لجواز الكشف؟ الوجه هو مجتمع المحاسن، أيضاً أنا أقول: يحتمل أن المحل الذي فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- في الرواية، أو هذه الرواية التي تدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى هذه المرأة يحتمل أنه كان في زاوية خالية من الناس، وهي العادة يعني إذا أرادت المرأة أن تستفتي ...
المقدم: تأخذ زاوية.
تأخذ زاوية، وتأخذ بيده، أو تشير إليه أن ينعزل عن الناس، يحتمل أنها في زاوية خالية من الناس سواه -عليه الصلاة والسلام- ورديفه.
والمرجح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا حجاب عنه، وقد صرف وجه الفضل لا سيما إذا صحت الرواية التي تدل على أن أباها قصد ذلك ليتزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتركها أيضاً تتحدث من أجل أن تدخل إلى قلبه -عليه الصلاة والسلام-.
والحديث له بقية، فيه أحكام، وفيه أيضاً هذه المسألة تحتاج إلى مزيد بسط، وذكر لبعض الأدلة.
المقدم: إذاً نرجئها -بإذن الله- إلى الحلقة القادمة لاستكمال ما تبقى من أحكام، وأطراف أيضاً هذا الحديث.