للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نسأل الله العافية، المقصود أن العبادة شأنها أعظم، وإلا فالمسلم مطلوب منه ترك المحرمات على كل حال، فكيف بهذه المحرمات في وقت أداء العبادة؟! لماذا يتعب الإنسان نفسه، ويتجشم المصاعب والمتاعب من أجل أداء هذه العبادة، وقد تكون نافلة، فيسأل عن أغلى الحملات، وذكرت مبالغ خيالية تنفق على أسر مدة طويلة، يتنافسون، يذهب الإنسان في العشر الأواخر إلى الديار المقدسة من أجل الفراغ والخلوة في هذه الأوقات الشريفة التي ترجى فيها ليلة القدر، وفي هذا المكان الطيب الطاهر، ويسأل عن أفخر الفنادق، لا أدري كيف يجتمع القلب في هذه الأماكن الفخمة الضخمة المزخرفة إذا أراد أن يؤدي ما يؤدي من عبادة؟ لأنه إذا كان الهدف أن يقال: إنه سكن في كذا، وأكل كذا، وشرب كذا، وركب كذا، هذه حقيقة مرة، يجلس في بيته أفضل له، وإن كان المراد من ذلك أن يؤدي ما طلب منه، وما يقربه إلى الله -جل وعلا-، فالأمر دون ذلك، بدون ذلك يتأدى.

المقصود أن على المسلم أن يتوسط في أموره كلها، لا يزاول ما يقذر به، ويشان به، ويعاب به، بحيث يستقذره الناس، أو يرمونه بوصف لا يستحقه، ولا يتوسع توسع غير مرضي، بل عليه أن يتوسط.

سيأتي ما كان -عليه الصلاة والسلام- من الزهد في الفانية، والرغبة في الباقية، وما يقرب إليها -إن شاء الله تعالى- بالتفصيل.

نعم.

المقدم: قال -رحمه الله-: عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ قال: ((لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور)).

راوية الحديث أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنها وعنه-، مر ذكرها مراراً.

وهذا الحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: "باب فضل الحج المبرور" والمطابقة ظاهرة؛ لأن السؤال عن إيش؟

المقدم: عن الجهاد، عن أفضل الأعمال.

لأن السؤال عن أفضل الأعمال، هي لما ذكرت الجهاد بعد أن عرفت فضله بنصوص الكتاب والسنة، ففضله ثابت متقرر، فدلت على ما هو أفضل منه، الجهاد هي تسأل عن جهاد العدو وقتاله، وقد تقرر أنه من أفضل الأعمال بالأدلة من نصوص الكتاب والسنة، فدلت على ما هو أفضل منه، فهذا يدل على فضل الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>