وهذا هو مقصود ما في الصحيح، أن جميع ما في الصحيح موقوف على الوحي، فينبغي أن يبين عظمته، كل ما في الصحيح وحي؛ لأن فيه الآيات، وفيه الأحاديث، والسنة وحي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(٣ - ٤) سورة النجم] فإن قيل: ما وجه ذكر نوح -عليه السلام- خاصة؟ ما وجه ذكر نوح -عليه الصلاة والسلام- خاصة؟ والحال يكفي لفظ النبيين وفيه اختصار أيضا؟ يعني لو حذفنا نوحاً، يعني لو لم يرد لفظ نوح {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ} [(١٦٣) سورة النساء] يكفي دخل فيهم نوح، وصار أخصر، فإن قيل: ما وجه ذكر نوح -عليه الصلاة والسلام- خاصة، والحال يكفي لفظ النبيين وفيه اختصار أيضا؟ وأيضاً يفهم من سياق الآية، وأيضاً يفهم من سياق الآية نفي الوحي من الأنبياء السابقين على نوح -عليه السلام- وهو كلف، يعني هل نزل عليهم وحي؟ وإلا ما نزل؟ اللّي قبل نوح إذا كان نزل لماذا تركوا؟ فالجواب أن في الوحي فرقاً، فالأنبياء السابقون قبل نوح -عليه السلام- كان الوحي ينزل عليهم؛ لإصلاح المعاش بالمطبوعة المعاشر لإصلاح المعاش والعادات، ولم يكن عليهم مؤاخذة بالشدة لإصلاح عاداتهم، وأما زمان نوح -عليه السلام- فالوحي كان ينزل عليه؛ لتبليغ الأحكام الشرعية، ومنه شرع العقاب، والعقاب على التارك، والكاسل في الدين، فلهذا بدئ بذكر نوح -عليه السلام- فالتشبيه بالوحي إليه في أمور الدين فقط -والله أعلم بالصواب-، كذا قال يقول: إن من أوحي إليه ممن تقدم على نوح، لم يكن الوحي بأحكام ملزمة يعاقب تاركها، وإنما يوحى إليهم ما فيه إصلاح الحياة والمعاش، لكن أنا له ذلك يحتاج إلى دليل، أنا له ذلك لابد من إثباته بدليل، ولا شك أن آدم جاء بأحكام صارت شرعا له ولولده من بعده، ومن بعد آدم إلى نوح كلهم جاءوا بالأحكام.