قد يقول قائل: ما دام أول الرسل نوح كما في حديث الشفاعة -أولهم نوح-، ومقتضى قول الجمهور أن الرسول أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، والنبي أوحي إليه بشرع ولم يأمر بتبليغه، فالذي أوحي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كالذي أوحي إلى نوح، باعتبار أنه أوحي إليه بالتبليغ كنوح، ولم يوح إليه فقط وحياً لا يبلغ كمن تقدم على نوح، هذا مقتضى قول الجمهور، أكثر العلماء على أن الفرق بين النبي والرسول، الفرق بين النبي والرسول: أن النبي أوحي إليه بشرع ولم يأمر بتبليغه، والرسول من أوحي بشرع وأمر بتبليغه.
بعض المحققين وإليه ميل شيخ الإسلام أن الرسول من يأتي بشرع جديد، والنبي يأتي بشرع مكمل، والنبي يأتي بشرع مكمل، لكن يرد عليه أن أول الرسل نوح، وآدم جاء بشرع جديد، ويرد عليه أيضا أن عيسى جاء بشرع متمم لشريعة موسى، يرد على كلام شيخ الإسلام ومن بعده نعم، على كل حال الأول عليه مؤاخذات، قول الجمهور عليه مؤاخذات، لكن الذي ارتضاه جمع من أهل التحقيق، وما ذكرناه عليه أيضاً إيرادات.
ماذا يقول صاحب الكتاب: الجواب أن في الوحي فرقاً، فالأنبياء السابقون قبل نوح -عليه السلام- كان الوحي ينزل عليهم لإصلاح المعاش والعادات، ولم يكن عليهم مؤاخذة بالشدة لإصلاح عاداتهم، إيش مؤاخذه هذه، لم يرد عليهم مؤاخذة، كل قتيل يقتل إلى قيام الساعة فعلى ولد ابن آدم الأول كفل من إثمه؛ لأنه هو الذي سن القتل، كيف ما عليهم مؤاخذة؟ هذا الكلام ليس بصحيح، وأما زمان نوح -عليه السلام- فالوحي كان ينزل عليه؛ لتبليغ الأحكام الشرعية، ومنه شرع العقاب، والعقاب على التارك، والكاسل في الدين، فلهذا بدء بذكر نوح -عليه السلام-، فالتشبيه بالوحي إليهم في أمور الدين فقط -والله أعلم بالصواب-.
يقول: هل يصح ما ذكره بعضهم من أن البخاري بدأ بحديث غريب، وختم بحديث غريب؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- ((بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا)).؟
يعني الغرابة الاصطلاحية هل يمكن أن يفسر بها النصوص الشرعية؟ يعني الألفاظ الاصطلاحية تنزل عليها النصوص الشرعية؟
نعم، نعم.
نقول الاصطلاحات العلمية الحادثة كثير منها بعد العصور المفضلة، يمكن أن تفسر بها النصوص الشرعية؟ لا يمكن.