يقول: قال السندي -رحمه الله- في حاشيته على صحيح البخاري: ابتدأ صحيحه بالوحي، وقدمه على الإيمان؛ لأن الاعتماد على جميع ما سيذكره في الصحيح يتوقف على كونه -صلى الله عليه وسلم- نبياً أوحي إليه، والإيمان به إنما يجب لذلك، ولذلك أويد أمر، أيد أمر الوحي بالآية، يعني قوله:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ولما كان الوحي يستعمل في الإلهام وغيره مما يكون إلى غير النبي أيضاً، كما في قوله تعالى:{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [(٦٨) سورة النحل] {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} [(٧) سورة القصص] ذكر أية تدل على أن الإيماء إليه، أو أن الإيحاء إليه -صلى الله عليه وسلم- إيحاء نبوة، وبواسطته ثبتت نبوته، وحصل الاعتماد على جميع ما في الصحيح، مما نقل عنه -صلى الله عليه وسلم- ووجب الإيمان به، فلذلك عقب باب الوحي، بدء الوحي، بكتاب؟
هذا كلام جيد في الجملة، لكن، نعم، ولكنه فيما مضى ما يشير إليه، والحاصل أن وحي إليه -صلى الله عليه وسلم- بدء أمر الدين، ومدار النبوة والرسالة، فلذلك سمي الوحي بدء، بناء على أن إضافة البدء في قوله: بدء الوحي بيانية، وابتدأ به الكتاب، والمعنى كيف كان بدء أمر النبوة والدين الذي هو الوحي؟ وبهذا التقرير حصل المناسبة بين تسمية الوحي بدء، وابتدأ الكتاب به إلى آخر ما قال، على كل حال هذا نظيره تقدم في كلام أهل العلم.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصبحه أجمعين ...