يتبين الفرق بين عمل وفعل، الكلام الأول كله يدل على أن عمل أشرف من فعل، والذي قرره الحافظ ابن رجب بالأدلة العكس، قال: ولو قيل عكس هذا لكان متوجها، فإن الله تعالى إنما يضيف إلى نفسه الفعل كقوله:{وتبيّن لكُمْ كيْف فعلْنا بِهِمْ} إلى أخره أضاف العمل إلى الأيدي، أضاف العمل إلى الأيدي {أولمْ يروْا أنّا خلقْنا لهُمْ مِمّا عمِلتْ أيْدِينا} والأيدي هنا ليست بصفة ليست من آيات الصفات، ليست هذه الآية من آيات الصفات، ولو كان يراد بها اليد المضاف إلي الله -جل وعلا- الحقيقية على ما يليق بجلاله وعظمته؛ لاستوى خلق الأنعام مع خلق آدم، ما صار لآدم مزية على الأنعام.
قال -رحمه الله-: واشتق -سبحانه- لنفسه اسما من الفعل دون العمل، واشتق -سبحانه- لنفسه اسما من الفعل دون العمل، كما قال -جل وعلا-: {إِنّ ربّك فعّالٌ لِّما يُرِيدُ} [(١٠٧) سورة هود] فعال لما يريد، والعمل يتناول القول ويعتبر له النية، يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: وقد صرح أبو عبيد القاسم بن سلام العمل يتناول القول ويعتبر له النية؛ لأنه عمل اللسان، وإن كان مطلق العمل يطلق على عمل الجوارح واللسان منها، من هذه الجوارح، قال: وقد صرح أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الطلاق له بدخول القول في العمل، وأن الأقوال تدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((الأعمال بالنيات)).
وأبو عبيدٍ محله من معرفة لغة العرب المحل الذي لا يجهله عالم، ومع ذلك هو من ثقات أئمة اللغة؛ لأن أئمة اللغة فيهم الثقات، وفيهم من ليس بثقة ممن دخله شيء من الابتداع، لكن أبو عبيد إمام من أئمة أهل السنة ومع ذلك هو إمام من أئمة اللغة.
يقول: وقد اختلف الناس لو حلف لا يعمل عملاً، أو لا يفعل فعلاً، فقال قولاً هل يحنث أو لا؟ اختلف الناس لو حلف لا يعملُ عملاً، أو لا يفعلُ فعلاً، فقال قولاً هل يحنث أو لا؟ وكذا لو حلف ليفعلن، أو ليعملن هل يبر بالقول أم لا؟ هذا يرجع إلى الأيمان والنذور، ومردها عند أهل العلم إلى الأعراف عند الأكثر، وإلى النيات عند الإمام مالك إن كان نوى دخول القول يحنث، أما جمهور أهل العلم فيردونها إلى العرف، هل يسمون القول عمل وإلا لا؟.