ابن حجر في منهجه الحديثي لا نظير له، يجمع الروايات ويفسر الحديث بالحديث رواية برواية وهكذا، العيني ذكرنا شياء مما يمتاز به من عنايته بفروع اللغة، وبسط مذاهب الفقهاء، لا سيما في الربع الأول.
وأما القسطلاني فيجمع بين الكتابين باختصار، لباب أو لب فتح الباري مع لب عمدة القاري موجود في إرشاد الساري للقسطلاني، إضافة إلى عنايته بألفاظ الصحيح سواء كانت في تراجم الرواة، أو في صيغ الأداء، تجده يفرق بين رواية ورواية، رواية فيها حدثنا كاملة، ورواية فيها ثنا بدون حدثنا بدون الحا والدال، تجده يقول: حدثنا يعتمد هذه الرواية، وفي رواية فلان ثنا، أو العكس - معنى هذا: ما يترتب عليه شيء رمز، ما يترتب عليه شيء-، لكن لدقته فيفرق بين صيغ الأداء، وقد يكون الاختلاف بين الروايات في حدثنا مع أخبرنا، فيقول: حدثنا رواية كذا، وفي رواية كذا أخبرنا، فيهتم بالفروق بين الروايات بدقة، مثلما أجملناه سابقاً من حيث المباحث اللغوية، والفقهية، وما يستنبط من الأحاديث يأخذ من الشروح الثلاثة التي تقدمته، يأخذ من الكرماني، يأخذ من العيني، يأخذ من ابن حجر، باختصار يختصر من هذا، ويختصر من هذا، ويختصر من هذا.
ولذا لو اقتصر عليه طالب العلم الذي لا يسعفه الوقت بالنظر في جميع بين الشروح أفاده فائدة عظيمة.
بقي شرح العيني وابن حجر ذكرنا ما لكل واحد من ميزة باختصار، وبينهما معارضات ومناقضات.
العيني ينقل من ابن حجر كثيراً، قد ينقل الورقة أو أكثر ولا ينسبها إليه، وقد يوجد فيما نقله كلام رجع عنه ابن حجر في موضع أخر، وهو ما يرجع عنه؛ لأنه ما اطلع على الموضع الثاني.
يكون: ابن حجر حرر مسألة ثم رجع عنها فيما بعد، ينقلها العيني بحروفها ولا يرجع عنها؛ لأنه ليس بالموضع الذي نقلها منه ولا شك أن هذا قادح، لكن يبقى أن أمور العلماء مبنية على الظاهر على السلامة - إن شاء الله تعالى - وإن كان في بادي الرأي مما ينتقد به العيني ينقل الورقة وقد تكون أكثر أو أقل.