قال ابن رجب: وهذا ظاهر في إنكار تسميته القول عملا لكل حال، وأنه لا يدخل تحت قوله:((الأعمال بالنيات))، وكذا ذكر ابوبكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب السنة.
قال ابن رجب: وهذا على إطلاقه لا يصح -يعني هذا الكلام على إطلاقه لا يصح-، فإن كنايات الطلاق، فإن كنايات الطلاق كلها أقوال، ويعتبر لها النية، لو قال: الحقي بأهلك، هذه كناية، لكن وهو، وهي قول، ويعتبر لها النية، وتدخل في حديث ((الأعمال بالنيات)) لكن الإمام أحمد إنما أنكر هذا القول نعم؛ ليسد الباب على من يتذرع بالألفاظ الشرعية، ويتوسل بها إلى اعتقادات بدعية.
وهو في هذا الباب -رحمه الله- يريد أن يسد الذرائع كلها الموصلة إلى هذه الأقوال البدعية، ولذا قال ابن رجب: وهذا على إطلاقه لا يصح، فإن كنايات الطلاق كلها أقوال، ويعتبر لها النية، وكذلك ألفاظ الأيمان والنذور أقوال، ويعتبر لها النية، وألفاظ عقود البيع والنكاح وغيرهما أقوال، وتأثر فيها النية عند أحمد، كما تأثر النية بطلان نكاح التحليل، النية تأثر بطلان نكاح التحليل، وعقود التحيل على الربا.
وقد نص أحمد على أن من أعتق أمته، وجعل عتقها صداقها أنه يعتبر له النية، فإن أرد نكاحها بذلك، فإن أرد نكاحها بذلك وعتقها انعقد بهذا القول، لو أن شخص عنده أمة فأعتقها، وليس في نيته أن يجعل عتقها صداقها، ثم قيل له: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها، لما أنفذ العتق ونطق به، لم يكن في نيته أن يجعل عتقها صداقها، ثم قيل له: لو فعلت لكن أفضل، إحسان من الجهتين، فقال: عتقها صداقها ينفع، وإلا ما ينفع؟ ما ينفع؛ لأنه ما نوى.
قال: وقد نص أحمد على أن من أعتق أمته، وجعل عتقها صداقها أنه يعتبر له النية، لا بد أن ينوي نية لجعل العتق صداقا مصاحبا لألفاظ العتق، فإن أراد نكاحها في ذلك وعتقها انعقدا بهذا القول نعم.