نعم علماء القلوب وما يتصل بها الذي يسميها ابن القيم وابن رجب يسمونهم العارفين نعم، يعني شخص حج من بغداد ثلاث مرات ماشياً، حج من بغداد ثلاث مرات ماشياً، فلما رجع من الحجة الثالثة دخل البيت فوجد الأم نائمة فلم يوقظها، انتبهت فإذا هو بجانبها فقالت: يا فلان، اسقني ماء يسمعها فما قام يسقيها، ثم قالت المرة الثانية: يا فلان، اسقني ماء، ما قام يسقيها، فقالت في الثالثة: يا فلان، اسقني ماء، فراجع نفسه وقال: تحج نفلاً راجلاً ألوفاً مؤلفة من الأميال ذهاباً وإياباً، والأم تطلب الماء من أمتار يسيرة -يعني من داخل البيت من القربة- تطلب الماء وتتردد وهو واجب، لا بد أن تتأكد من صحة حجك، فسأل من سأل فقال: أعد حجة الإسلام.
يعني لو سأل فقيه قال: الأركان والشروط كلها متواترة ما تخلف شيء، حجة صحيحة مجزئة مسقطة للطلب، لكنه سأل من النوع الثاني، وليس الكلام هذا محل تقرير لهذه الفتوى أو تبني لها، وإنما أنا أسوق الواقع ليبين الفرق بين فقهاء، الفقهاء الذين يسمون بالفقهاء في الظاهر الذين يبنون الأحكام على مقدماتها، على أسبابها، على شروطها، على واجباتها، على انتفاء المبطلات، ويصححون ولا علاقة لهم بأجر ولا ثواب، ولا شيء، بمعنى أنه لا يؤمر بها مرة ثانية، ومن يلاحظ المقاصد والإرادات، ويأتي إشارة إلى مثل هذا في كلام ابن رجب فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.
النية هل هي عمل وإلا ليست بعمل؟ النية لا شك أنها عمل القلب، النية عمل القلب، وأعمال القلب كثيرة منها: الإخلاص، ومنها: الإرادات بأنواعها، ومنها: القصد، ومنها: الأمور التي يذم عليها الحقد والحسد والكبر والإعجاب كلها أعمال قلبية.
فالمطلوب منها هل يحتاج إلى نية، أو لا يحتاج؟ والمرفوض منها هل يترتب عليه أثره دون كلام، أو عمل أو لا؟ ها.
طالب:. . . . . . . . .
المطلوب منه الإخلاص هل يحتاج إلى نية؟ النية تحتاج إلى نية، قالوا: لا، لا تحتاج إلى نية؛ لأنه يلزم عليه التسلسل، لأنك لو طلبت نية لهذا العمل، ثم نية لهذه النية، ثم نية لهذه النية ما انتهت المسألة، وهذا تسلسل في المستقبل، لكن ماذا عن التسلسل في الماضي؟