من الناس من قال: القول يدخل في مسمى الفعل ولا يدخل في مسمى العمل، وهو الذي ذكره ابن الخشاب النحوي وغيره، -يعني عمل الجوارح الذي هو جزء من الإيمان-، لا شك أن اللسان من الجوارح وهو داخل فيه، لكن الإشكال فيمن يقتصر على عمل اللسان دون عمل بقية الجوارح، وإلا ما الذي يدخل في الإسلام نطق ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا، يقولوا: لا إله إلا الله، حتى يشهدوا ألا إله إلا الله)) وقد ورد تسمية القول فعلاً في القرآن بقوله تعالى: {وكذلِك جعلْنا لِكُلِّ نِبِيٍّ عدُوّا شياطِين الإِنسِ والْجِنِّ يُوحِي بعْضُهُمْ إِلى بعْضٍ زُخْرُف الْقوْلِ غُرُورا ولوْ شاء ربُّك ما فعلُوهُ فذرْهُمْ وما يفْترُون} [(١١٢) سورة الأنعام] {ولوْ شاء ربُّك ما فعلُوهُ} فأطلق الفعل على القول، وأما التروك فهي وإن كانت فعل كف، وإن كانت فعل كف لا يطلق عليها لفظ العمل عرفاً وإن جاء لغة، فقد قال بعض الصحابة لما تركوا العمل مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في بناء المسجد قال:
لإن قعدنا والنبي يعمل ... فذاك منا العمل المظلل
تركوا العمل فسموه عملاً، تركوا العمل فسموه عملاً، وهذا ماشي، جاري على مقتضى اللغة، فسمى قعودهم وتركهم العمل في مشركة النبي -عليه الصلاة والسلام- عملاً مضللاً، وأقول ينظر في الصيام هل هو ترك أو عمل؟ نعم ترك بنية، لكن هو عمل نعم.
نعم، ومثل هذ العمل وتركه لا يحتاج إلى نية ليطلق عليه عمل، فلا شك أن الصيام عمل؛ لأنه ترك‘ الصيام عمل؛ لأنه ترك للمفطرات فتشترط له النية.
أقول: وينظر أيضا في إجزاء الزكاة المأخوذة قهر دون نية، يعني دفع الزكاة عمل، وإذا أخذت من الممتنع قهراً يقول العلماء: أجزأت -بمعنى أنها مسقطة للطلب فلا يطالب بها مرة ثانية-، لكن هل تترتب عليها آثارها من الثواب المرتب عليها، وهو سقوط الإثم المرتب على عدمها، أو على تركها؟ لا، فهي وإن أجزأت في الظاهر فإنها غير مقبولة في الباطن، والإجزاء هو الذي تكلم عليه الفقهاء، وعدم القبول هو الذي يتكلم عليه من.