في شرح الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- على الأربعين المسمى:"جامع العلوم والحكم" ويوصى به كل طالب علم، ولا يستغني عنه أحد، لا يمكن أن يستغني طالب علم عن شرح الأربعين للحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-؛ لأنه شرح بنفس السلف، يعني عكس تماماً التعيين في شرح الأربعين "للطوفي"، هذا بالمنقول والآثار، وهذاك بالرأي والمعقول -يعني عكس نقيضه تماماً-، ولذا لا يستغني طالب علم، طالب سنة، طالب عمل، طالب عقيدة عن شروح الحافظ ابن رجب التي تولها بنفس السلف الصالح -رضوان الله عليهم-، وله كتاب اسماه:"فضل علم السلف على الخلف"، ومن قرأ هذا الكتاب بعناية عرف الفرق الشاسع بين علوم السلف وعلوم الخلف، فتجد علوم السلف مختصرة بألفاظ وجيزة لكنها مباركة، وعلوم الخلف مبسوطة لكن حصيلتها قليلة، حصيلتها قليلة.
قد يقول قائل: ما دام تقولون هذا الكلام، وابن رجب يقرر هذا، لماذا تطولون؟ لماذا تطال الدروس والشروح؟ ننتهي من حديث الأعمال بالنيات، وخمسة أحاديث معه في جلسة واحدة، وننتهي بنفس السلف، لا ليس المراد هذا، يعني كأن نقول شيخ الإسلام ما صنع شيئاً، ويكتب عقيدة يسأل عنها في مائتين وثلاثين صفحة. -وصاحبها مستوفز يريدها- يكتب الحموية بين الظهر والعصر عجب! الناس احتاجوا للبسط، احتاجوا للتوضيح، احتاجوا لتفريع المسائل، يعني في عهد السلف ما احتاجوا هذا، يقول ابن رجب -رحمه الله- في هذا الكتاب النفيس الماتع " فضل علم السلف على الخلف " يقول: من فضل عالم على أخر بمجرد كثرة كلامه فقد أزرا بالسلف، يعني ننظر بمجرد كثرة الكلام لا بمجرد كثرة علم؛ لأن كثرة الكلام قد يكون ناشئاً من علم، والعلم إذا تزاحم وكثر يحتاج إلى كثرة كلام؛ لأن الألفاظ قوالب للمعاني، ما يمكن أن تؤدي هذه المعاني الكثيرة بألفاظ يسيرة إلا على لسان من أوتي جوامع الكلم، أما غيره فيحتاج إلى شيء من البسط، لئلا يقول قائل: أنتم تشرحون الحديث بعشرة دروس وين كلام ابن رجب، ونسمع بعض شيوخنا يجمل عشرة أحاديث تلكم عليها بخمس دقائق وينتهي وهذا علم السلف.