نقول: ما يلزم يا أخي، ما يلزم وإلا معناه أن شيخ الإسلام -رحمه الله- ما سووا شيئا بل صد الناس عن، بكثرة كلامه، تكلم عن المسألة الواحدة بعشرات بل مئات الصفحات؛ لأن الناس احتاجوا لمثل هذا البسط فلا يلتبس علينا مثل هذا.
أقول في شرح الأربعين للإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله-، وقد اختلف في تقدير قوله:"الأعمال بالنيات" فكثير من المتأخرين يزعم أن تقديره الأعمال صحيحة، أو معتبرة، أو مقبولة بالنيات، وعلى هذا فالأعمال إنما أريد بها الأعمال الشرعية المفتقرة إلى النية، فأما ما لا يفتقر إلى النية كالعادات من الأكل والشرب واللبس وغيرها، أو مثل رد الأمانات، والمضمونات كالودائع، والغصوب فلا يحتاج شيء من ذلك إلى نية، فيختص هذا كله، أو يخص هذا كله من عموم الأعمال المذكورة ها هنا، إذا قلنا التقدير صحيحة، أو معتبرة، أو مقبولة بالنيات، فلا بد أن نحمل الأعمال على الأعمال الشرعية، وقال آخرون: الأعمال هنا على عمومها لا يخص منها شيء حكاه بعضهم عن الجمهور، وكأنه يريد جمهور المتقدمين، وقد وقع ذلك في كلام ابن جرير الطبري، وأبي طالب المكي، وغيرهما من المتقدمين، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد.
قال في رواية حنبل: أحب لكل من عمل عملاً من صلاة، أو صيام، أو صدقة، أو نوع من أنواع البر أن تكون النية متقدمة في ذلك قبل الفعل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "الأعمال بالنيات" فهذا يأتي على كل أمر من الأمور، يعني لو أن الإنسان إذا ذهب إلى محل الأغذية، أو ذهب اثنان إلى محل واحد وكلاهما يريد أن يشتري حوائج البيت، له ولزوجه وولده مما يحتاجونه من حوائجهم الأصلية في الأكل والشرب، واحد استحضر قول النبي -عليه الصلاة والسلام- ((حتى ما تضعه في فيء امرأتك)) واستحضر هذا ورجا الثواب المرتب على هذا.
والثاني: ما في ذهنه شيء إلا أنهم قالوا هات فيأت به، أعطوه ورقة هات المطالب هذه، وذهب إلى المحل ما يستحضر شيئاً، هذا يتقرب، وهذا لا أجر له، قدر زائد على إبراء الذمة، إبراء الذمة، لكن يستحضر ما هو أعظم من ذلك فله أجره.