فلا شك أن هذ الكتاب كتاب مبارك، وليس بكثير أن يشرح بثلاث مائة شرح أو بألف شرح ليس بكثير، ولا يقول قائل: ما الفائدة من هذا التكرار؟ وهذه الجهود المكرورة؟، - كما نسمع هذا الكلام - ليس بصحيح، -يعني لو قلنا هذا، لقلنا أن القرآن يكفي شرح واحد فسره الطبري يكفي، ليش يشرح يفسر ابن كثير وفلان وفلان التفاسير الكثيرة مالها داعي-، كل واحد له ميزة وكل كتاب لا يخلو من فائدة والمجال مفتوح الآن. البخاري بحاجة إلى شرح، القرآن بحاجة إلى تفسير، لا نقول إن الجهود مكرورة ولا فائدة، وكم وجد عند الآخر مما تركه الأول؟ يعني كم ترك الأول للأخر؟ فطالب العلم الذي يأنس من نفسه، ويجد من نفسه الأهلية للتفسير أو لشرح الحديث أو للتصريف في أي علم من العلوم لا سيما إذا كان في بادئ الأمر يقصد بذلك التمرين فهو من أعظم وسائل التحصيل، ثم بعد ذالك يعيد النظر فيه مراراً ويكرره ويعرضه، وكذا إلى أن يصير مؤلف ينفع الله به.
وليس المقصود بذلك إظهار التعالم من أول الأمر، أو التزبزب قبل التحصرم، أو ليقال أنه ألف أو يقال أنه مكثر كل هذا لا قيمة له، بل هذا ضرر محض إذا كانت هذه الغاية.
أما بالنسبة للطريقة التي نمشي عليها في الشرح، إذا كان الموطأ وهو لا يعادل شيئا بالنسبة للصحيح البخاري لا من حيث الكم ولا من حيث الكيف، جلسنا فيه أكثر من أربع سنوات أربع سنوات وشهرين وعشرة أيام على ما حرره بعضهم من البداية إلى النهاية.
فالبخاري يحتاج إلى ثلاثين سنة، لكن لا بد أن نجعل آلية تجعلنا ننجزه في سبع سنوات - إن شاء الله -، وذلكم بالطريقة التي تكلمنا عنها مراراً في الجمع بين دواوين السنة، نجعل البخاري محوراً ننطلق منه ونضيف إليه بقية كتب السنة، وفي كل حديث - إن شاء الله - يحضر هذا.
ولست أظني بحاجة إلى تكرار هذه الطريقة، لأنها شرحت مرارً وفيها كلام مسجل وفعلها بعض الأخوان وأبدعوا.