الحاج الذي حج من بغداد ثلاث مرات ذكرنا قصته مراراً، واستفتاء من العلماء من النوع الثاني، من النوع الثاني الذين يبحثون عن أعمال القلوب مع صحتها وفسادها، وقال له: أعد حجة الإسلام، بينما النوع الأول ما يقول له أعد حجة الإسلام، حجك صحيح مسقط للطلب، ولا شك أن مثل هذا التصرف حينما تأخر، وتباطأ في إعطاء الأم وأمرها واجب تلبيته نيته فيها شيء، لكن لا يعني هذا أن العمل يبطل، ويلزم بالإتيان بغيره لكن يوجه بالعناية بأمه، وأن يعتني بالواجبات أكثر من المندوبات، وأن يسعى في صلاح قلبه الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في كلام طويل في جامع العلوم والحكم، فرق بين النية، والإرادة، والقصد، النية، والإرادة، والقصد ودعم قوله بالأدلة بنصوص الكتاب والسنة، وأقاويل السلف من أراد الفرق بين هذه الألفاظ الثلاثة: النية، والإرادة، والقصد فعليه بكلام ابن رجب في جامع العلوم والحكم، فقد أطال في تقرير ذلك، وربط ذلك بنصوص الكتاب والسنة، وأقاويل سلف هذه الأمة.
"فمن كانت هجرته إلى دنيا" فمن كانت هجرته إلى دنيا، يقول الحافظ ابن حجر: كذا وقع في جميع الأصول التي اتصلت لنا عن البخاري، بحذف أحد وجهي التقسيم وهو قوله:" فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله" إلى أخره، يعني لا يوجد في نسخة من النسخ الوجه الأول من وجهي التقسيم والتفريع، "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" في هذا الموضع، نعم ذكرها في الموضع الثاني في كتاب الإيمان، وفي غيرها من المواضع والأصول المتصلة الأسانيد إلى الإمام البخاري كلها متفقة على أن هذا الوجه لم يذكر، وعلى هذا فمن وقف على نسخة فيها هذا الوجه، فهو من إلحاق النساخ وليس من الأصل.
يقول الخطابي في شرحه: هكذا وقع في رواية إبراهيم بن معقل -يعني النسفي- عنه عن البخاري مخروماً، قد ذهب شطره، ورجعت إلى نسخ أصحابنا.