القصة سيقت مساق المدح على لسان محمد -عليه الصلاة والسلام-، سيق مساق المدح، لكن هل لنا أن نفعل هذا؟ أو نقول في شرعنا نهى عن إضاعة المال، نهى عن إضاعة المال؟ فمثل هذه التصرفات لا شك أنها إذا حصلت، وحصل المقصود منها، صارت بمثابة المدح والتزكية، لكن إذا حصلت ولم يحصل المقصود منها، أو قبل أن تحصل، نقول: لا يجوز أن تحصل تؤلف كتاب، وتتعب عليه، وتجعله في النار إن كان خالصا لله فينجوا، وإن كان فيه شرك، أو شيء من الدخن لا ينجوا هذا!، لا يصح أبداً.
المصنف -رحمه الله تعالى- تابع كلام الحافظ ابن حجر يقول: لما كانت عادت المصنفين أن يضمنوا الخطب اصطلاحهم، يعني مثل ما فعل الإمام مسلم في مقدمة صحيحه، ومثل ما فعل أبو داود في رسالته إلى أهل مكة ضمنوها اصطلاحاتهم، ومناهجهم في هذه الكتب.
قال: ولما كانت عادة المصنفين أن يضمنوا الخطب اصطلاحهم في مذاهبهم واختياراتهم، وكان من رأي المصنف -رحمه الله تعالى- جواز اختصار الحديث، والرواية بالمعنى، والتدقيق في الاستنباط، وأثار الأغمض عن الاجلى، وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره؛ لأنه كله صيغ صريحة حدثنا، قال: حدثنا، قال: أنه سمع، قال: سمعت كل هذه صيغ مصرحة، وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره، استعمل جميع ذلك في هذا الموضع، بعبارة هذا الحديث متناً وإسناداً.
الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- لما صدر الكتاب بهذا الحديث بمثابة الخطبة، ضمنها الاصطلاح بالقول والفعل، بالقول والفعل، بالفعل حيث اختصر الحديث بفعله، هل في الحديث صراحة، ما يدل صراحة على جواز تقطيع الحديث؟ إنما من صنيعه ليس من لفظه، إنما من صنيعه، يعني قد يكون الكلام له دلالة قولية، ودلالة فعلية.