عرفنا رأي أبي حنيفة في الوضوء ومن معه، ورأي الأوزاعي والحسن في التيمم، وسيأتي بسط هذه المسألة، قال عطاء ومجاهد لا يحتاج صيام رمضان إلى نية إلا أن يكون مسافراً أو مريضاً، لماذا؟ يعني مثلما قلنا في أعمال القلوب لأنها متميزة بنفسها، فرمضان متميز بنفسه، والظرف لا يستوعب أكثر من صيام الشهر، والصائم لا خيار له في أن يصوم نفل أو نذراً أو كفارة أو رمضان، فتحددت النية بصيام رمضان، فلا يتحاج إلى نية تميزه من عبادة إلى أخرى، لكن من كان مسافراً أو مريضاً هل يصوم أو لا يصوم؟ هو بالخيار، هو بالخيار لا سيما إذا كان الصيام لا يشق عليه، هو بالخيار، وما دام هذا الاختيار وهذا التردد بين أن يصوم وبين ألا يصوم لا بد فيه من النية، ولذلك استثنوا إلا أن يكون مسافراً أو مريضاً، وعامة أهل العلم على اشتراط النية لصوم رمضان، قد يقول قائل: الناس كلهم يصومون رمضان، وما في أحد ينام بالليل في ليلية من رمضان من المسلمين إلا أنه ينوي أن يصوم الغد، اللهم إلا إذا نام قبل أن يرى الهلال فيحصل حينئذٍ التردد، فلا بد من تبييته قبل النوم، والمسألة فيمن تردد إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، هذه النية التي فيها شيء من التردد وفيها شيء من الضعف وعدم الجزم بالصيام هذه تجعل العلماء يختلفون في صحة مثل هذا الصيام، لكن المكلف لا يملك أكثر من هذا، المكلف لا يملك أكثر من هذا، إن كان غداً من رمضان فأنا صائم ثم نام إلى أن طلع الفجر، لا يتمكن من استئناف النية قبل الفجر، وهذا بذل جهده فيما يستطيع، واتقى الله حسب استطاعته، فصيامه صحيح كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وإن كان الأكثر أن صيامه ما دام فيه شيء من التردد أنه لا يصح.