هؤلاء الذين لا يشترطون النية في الوسائل، قدروا في الحديث قالوا: كمال الأعمال بالنيات أو ثوابها أو نحو ذلك؛ لأنه الذي يطرد، الصحة لا تطرد والإجزاء لا يطرد، وإنما الثواب مطرد؛ لأن الثواب يثبت في العمل الذي يصح، ويصح من جهة أن النية شرط له، وهو أيضاً الثواب مطرد عند من لا يشترط النية، فالثواب مطرد عند الحنفية في الوضوء إذا نواه، ومطرد عند غيرهم الذين يشترطون النية، فالثواب حاصل على كلا القولين، فقالوا: إن تقدير الثواب مطرد، يعني تقدير الأدنى يدخل فيه الأعلى يعني تقدير الأدنى، يعني الاتفاق على القدر المشترك، يعني إذا قلنا بالنسبة للوضوء الجمهور لا يجيزونه إلا بنية ولا يصححونه، والحنفية يصححونه، لكن هناك قدر مشترك إذا وجدت النية، القدر المشترك الثواب، الجمهور يقولون: يثاب والحنفية يقولون: يثاب، فلا تعارض بين القولين من هذه الحيثية في حصول الثواب، وقالوا: ما دام هذا القدر مشترك بين الجميع، فتعليق الحكم وتقدير المحذوف بالقدر المشترك أولى من تعليقه بالأمر المختلف عليه وهو الصحة، وقالوا: التقدير فيه كمال الأعمال بالنيات أو ثوابها أو نحو ذلك؛ لأنه الذي يطرد، فإن كثير من الأعمال يوجد ويعتبر شرعاً بدونها؛ ولأن إضمار الثواب متفق عليه، إضمار الثواب متفق عليه بين الجمهور والحنفية إذا وجدت النية؛ ولأنه يلزم من انتفاء الصحة انتفاء الثواب؛ ولأنه يلزم من إنتفاء الصحة إنتفاء الثواب دون العكس، إذا انتفت الصحة انتفى الثواب، لكن قد ينتفي الثواب ولا تنتفي الصحة، فلا يحصل الاتفاق بين هذه الأقوال على تقدير الصحة دون العكس فكان هذا أقل إضماراً فهو أولى، يعني هل الأخذ بالأقل بالقدر المتفق عليه هل يعد إجماع؟ يعني لو قال شخص: إن زيداً مدين لعمروٍ بألف، مدين لعمروٍ بألف وقال بكر: إن زيداً مدين لعمروٍ بثمانمائة، وقال خالد: إن زيداً مدين لعمروٍ بخمسمائة، الثلاثة كلهم يتفقون على الخمسمائة، كلهم يتفقون على الخمسمائة، لكن يختلفون في ما زاد على ذلك، فهل يعد هذا من نوع الإجماع أو نقول: إنه ما داموا لم يتفقوا على شيء محدد يجمعون عليه فإن مثل هذا لا يعد إجماع؟ والمسألة معروف الخلاف فيها في كتب الأصول، لكن هل