على كل حال القول بالإطلاق أن الوسائل اجتهادية أو القول بإطلاق أنها توقيفية يحتاج إلى إعادة نظر، وكل مسألة يحكم عليها بذاتها، لو قيل: إن وسائل الدعوة توقيفية، إيش معنى توقيفية؟ أننا لا نستعمل إلا ما استعمله الشارع وأمر به وحث عليه، ينبني على هذا أننا لا نستعمل شيئاً من المحدثات في هذه الوسائل، لا ندعو عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولا ندعو عبر وسائل الاتصال المختلفة، ولا نركب ما يحتاج إليه في الدعوة من الوسائل المحدثة، ولا .. ، ولا يمكن أن يقال، حتى من قال ومن كتب في أن وسائل الدعوة توقيفية لا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام، يعني ما يركب سيارة، يركب بعير وإلا يركب حمار هذا ما يقوله أحد، لكن هناك وسائل لا شك أنها تقرب من الغاية فتأخذ حكمها، مكبر الصوت هذا أحياناً يستعملون وسائل للدعوة يتنازع في حلها، النزاع في إباحتها بذاتها فضلاً عن كونها تحقق غاية شرعية، فمكبر الصوت معروف أن العلماء في أول الأمر اختلفوا فيه، ومات منهم من مات وهو لا يستعمله، وتوقف من توقف منهم مدة طويلة ثم استعمله؛ نظراً للمصلحة الراجحة لا سيما مع كثرت الجموع.
لكن هل يقول قائل: إن النظارة محدثة فلا تستعمل في قراءة القرآن؟ وما الفرق بين استعمال مكبر الصوت ومكبر الحرف؟ هناك دقائق لا بد من الانتباه لها؛ لأن من علماء من منع المكبر وأجاز النظارة، نعم النظارة قد لا تكون مباشرتها للغاية مثل مباشرة هذا المكبر، يعني هذا المكبر يستعمل في عبادة محضة في الصلاة، في الصلاة مثلاً وفي الخطبة خطبة الجمعة وغيرها، لكن النظارة ما تستعمل في عبادة يخل بها أدنى شيء؛ لأن مراعاة الصلاة ما هي بمثل مراعاة غير الصلاة، يعني الصلاة حرم فيها أشياء لم يحرم بالنسبة لقارئ القرآن، المصلي يختلف عن قارئ القرآن، يختلف، لقارئ القرآن أن يتحرك، لقارئ القرآن أن يقرأ وهو يمشي، وهو مضطجع، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(١٩١) سورة آل عمران] لكن بالنسبة للمصلي هل له أن يتصرف كيفما شاء؟ ليس له ذلك، فمثل هذه الأمور تخل بها أكثر من مجرد تلاوة القرآن أو غيره من العبادات.