وأما الصوم، فأشار به إلى خلاف من زعم أن صيام رمضان لا يحتاج إلى نية؛ لأنه متميز بنفسه كما نقل عن زفر، وهذا تقدم الكلام فيه، وقدم المصنف الحج على الصوم تمسكاً بما ورد عنده في حديث:((بني الإسلام على خمس، بني الإسلام على خمس)) حديث ابن عمر -رضي الله عنه-ما قال:((بني الإسلام على خمس)) هذا المتفق عليه، ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج وصوم رمضان)) قدم الحج على صوم رمضان، وهذا اللفظ هو المتفق عليه، وهو الذي اعتمده الإمام البخاري، وهو الذي بنا عليه ترتيب كتابه، فقدم الحج على الصيام.
عامة أهل العلم قدموا الصيام على الحج، ورأوا الصيام آكد من الحج، الحج ورد فيه نصوص قوية جداً -يعني مخيفة بالنسبة لمن وجد الزاد والراحلة ولم يحج-، وورد أيضاً أحاديث في الصيام، لكن البخاري قدم اللفظ المتفق عليه، وغيره اعتمد الرواية الأخرى وهي في صحيح مسلم، وهي في صحيح مسلم لما عدد الدعائم قال:((وصوم رمضان، والحج)) قال القائل لابن عمر: الحج وصوم رمضان؟ قال: لا، صوم رمضان والحج، اللفظ المتفق عليه الحج وصوم رمضان في صحيح مسلم وهو الذي اعتمده جمهور بل جماهير المصنفين في تقديم الصوم على الحج وفي تعدادهم لأركان الإسلام، اعتمدوا الرواية التي تفرد بها مسلم عن البخاري في تقديم الصوم على الحج، ومع ذلك ما يقال إن هذا من تصرف الرواة والواو لا تقتضي عطف، لا تقتضي ترتيب ولا شيء، ما يقال مثل هذا والتابعي قال لابن عمر: الحج وصوم رمضان؟ قال: لا، صوم رمضان والحج، كيف الرواية المتفق عليها المعتمدة هي التي أنكرها ابن عمر؟ هي التي اتفق على تخريجها الشيخان، هذا إشكال وإلا ما هو بإشكال؟ نعم.