هو إذا تصور أنه قول ملك تصور أنه قول بشر، إذا تصور أنه قول ملك وأنه هو الذي أنشأه سهل تصور أنه قول بشر، لا سيما وأنه جاء في القرآن الإسناد مرة إلى الملك والإسناد مرة أخرى إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لماذا؟ لأنهم كانوا ينكرون الوحي، المشركون ينكرون الوحي، وينكرون مجي الملك به، لأنهم يسندونه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو أنه تعلمه من غيره من البشر، فالوحي تارة ينسب إلى الملك، وتارة ينسب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكل ذلك بلفظ الرسول، بلفظ الرسول، ما نسب إلى جبريل ولا نسب إلى محمد -عليه الصلاة والسلام-، لكن نسب إلى محمد في سورة الحاقة بلفظ الرسول، ونسب إلى جبريل بلفظ الرسول أيضاً، لماذا؟ للدلالة على أنه ليس من قوله هو إنشاءً، وإنما أرسل به من غيره، فالرسالة متصورة من اللفظ، فلا يتطرق احتمال من يأتي ويقول: ما دام في القرآن إسناده مرة إلى جبريل ومرة إلى محمد فكيف ندعي أنه من عند الله؟ ولو زعموا أن بعضه من الله وبعضه من محمد وبعضه من جبريل بحسب الإسناد، نقول: لا، لفظ الرسول يدل على أن من أسند إليه مرسل، مرسل من غيره، فالوحي تارة ينسب إلى الملك، وتارة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكل ذلك بلفظ الرسول، ففي سورة الحاقة يقول الله -جل وعلا-: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [(٣٩ - ٤٠) سورة الحاقة] قول رسول كريم يعني لو قيل هذا قاله محمد بنص الآية، نقول: لا يجوز أن تقول: قاله محمد إلا بلفظ الرسالة؛ ليتضح للسامع ويستقر عنده أن محمد مرسل به لا من عنده وتلقاء نفسه، وفي سورة التكوير قال:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [(١٩ - ٢١) سورة التكوير] يعني جبريل -عليه السلام-، وأضافه إليهما بلفظ الرسالة على معنى التبليغ؛ لأن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل؛ لأن من شأن الرسول أن يبلغ عن المرسل وهذا أفاده شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه، والحافظ ابن كثير في تفسيره -رحمه الله-، في (فتح المبدي شرح مختصر الزبيدي) وشرح التجريد للشيخ عبد الله الشرقاوي يقول: سماع