الترويح الملحوظ فيه أكثر، ولا يباح الكذب من أجل الترويح، وقد يرتكب في ثنايا هذا الترويح أمور محرمة أخرى، وهذا هو الحاصل في واقع التمثيل والممثلين، لكن لو افترضنا أن فئة من أهل الفضل والاستقامة قالوا: لن نرتكب في هذا محظور وهدفنا الإصلاح لا الترويح، نعم يعني المسألة مفترضة في مثل هذا، يمكن أن يقال: إن التمثيل إذا قصد به الإصلاح المحض دون ما يصاحبه من ترويح إلقاء الكلام أخف منه، ما هو المقصود بأنه يستمع من يراد توجيه أو يصغي من يراد توجيه؟ يصغي للكلام أكثر من التمثيل إذا كان جاد، وعلى كل حال لا داعي له، وإن كان العلماء اختلفوا فيه، منهم من أباحه، ومنهم من منعه، وأما بالنسبة للمناظرات فمصلحتها راجحة ولا يترتب عليها محظور، والمقامات التي حفظت لنا كثير من مفردات اللغة وتراكيب الكلام أيضاً تداولها العلماء على مر العصور، وإن كان الحريري في أخر مقاماته تمنى أن لو خرج من مقاماته كفافاً لا له ولا عليه؛ لأنه استحضر مثل هذا، لاسيما وأنه سلك بعض المخالفات في ثنايا مقاماته، وفي مقامة -مدري والله الصفدية نسيتها- على لسان أبي زيد مدح السؤال، سؤال الناس والتكفف، اللي هي الكدية، مدح مستدلاً بما حصل من موسى والخضر {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} [(٧٧) سورة الكهف] استدل على ذلك وأن هذا شيئاً ممدوح، ولكن القرطبي -رحمه الله تعالى- شد عليه في هذا المقام ورد عليه رد قوي، فإذا اقترن بهذه المخالفة للواقع محظور أخر هذا لا تردد في منعه، لكن يبقى أنه إذا المصلحة عظمت في هذا الناس يحتاجون إلى تلوين شيء من الكلام، إلى تلوين شيء من الكلام، ولذا النصوص ما جاءت على وتيرة واحدة، ما جاءت كلها أوامر ونواهي، جاءت في قصص، وجاءت في أخبار في ضمنها الأمر والنهي، نعم؟