يقولون: ما حمل في مركب وغرق، كلام يحتاج إلى نظر، النصوص الثابتة عن الله وعن رسوله - عليه الصلاة والسلام - إنما هي للعمل بها، والقرآن وحده هو المتعبد بتلاوته الذي يثبت الأجر بقراءته، لكن لو ُقرأ صحيح البخاري من أجل العمل أجر عليه قارئه، باعتبار أنه من أعظم أبواب العلم الذي جاءت النصوص بالحث عليه.
ُتلقي الصحيح عن الإمام - رحمه الله تعالى - على ما قاله المترجمون: من قبل تسعين ألفا رواه عن مؤلفه تسعون ألف، لكن الروايات التي امتدت واستمرت إلى وقتنا قليلة لا تبلغ شيئا بالنسبة لهذا العدد، وأقول قد عني بجمعها وترتيبها وتنقيحها، الحافظ أبو الحسين شرف الدين اليونيني محمد، المتوفى سنة إحدى وسبعمائة.
جمع الروايات واعتنى بها ورتبها ونظمها واستخرج نسخة واحدة منها، وأشار إلى الروايات الأخرى في حاشية الكتاب، وقابل الكتاب مراراً حتى أنه قابله في سنة واحدة إحدى عشرة مرة، ثم لما أنهى مقابلة الكتاب وأتقنه وضبطه واطمأن إلى سلامة النسخة التي بين يديه، قرأه على الإمام ابن مالك النحوي المعروف-صاحب الألفية-، فابن مالك يتلقى عن اليونيني يتلقاه عنه رواية، فهو طالب من هذه الحيثية في الحديث طالب وفي العربية معلم، فإذا أشكل لفظ مما قرأه اليونيني سأله ابن مالك هل صحت بذلك الرواية، فإذا قال نعم، وجهه من حيث العربية، وجمعت هذه الألفاظ التي تكلم فيها ابن مالك من حيث العربية في كتاب طبع باسم " شواهد التوضيح على الجامع الصحيح " لابن مالك، وهو مطبوع متداول معروف كتاب يحتاجه طالب العلم لا يستغني عنه قاري البخاري؛ لأن فيه ألفاظ مشكلة من حيث العربية، فهذا الأشكال حله الإمام مالك - رحمه الله تعالى - اليونيني له أصل يعني نسخته تعرف بالأصل.