فالربع الأول من عمدة القارئ متميز من هذه الحيثية، الإشارة إلى الروايات، روايات الصحيح في شرح الحديث، هذه عند الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -، لذلك تجدون أحياناً أوهام عند بعض الشراح يهيمون في تفسير بعض الألفاظ، وهي مفسرة في رواية أخرى اطلع عليها الحافظ ابن حجر وذكرها وغيره لم يطلع عليها.
وقد يفسر الكرماني اللفظ بالاحتمال العقلي، أو بمعاني العربية، - ما ورد في معاجم العربية - لكنها مفسرة في روايات أخرى لم يطلع عليها، فميزة الحافظ ابن حجر - رحمه الله - أحاطته يعني إحاطة تليق بمثلهم باعتباره حافظا وإن لم يكن معصوماً بروايات الصحيح وغيره من كتب السنة.
والكرماني حصل له أشياء تدل على جهله بالكتاب المشروح؛ لأنه قد يتكلم بكلام في هذا الباب وفي أبواب لاحقة ينتقد كلامه، وكذلك العيني لماذا؟؛ لأنهما ليسا من أهل الرواية وليسا من أهل الحديث، لكن لهما فضل. والكرماني له فضل على جميع من جاء بعده من الشراح، يسمونه:"الشعير المعقول المزمور"، الكرماني كل الشراح عولوا عليه، وكلهم صبوا جامهم عليه يردون عليه، نعم يخطي وأساء أحياناً إلى بعض استنباطات البخاري، لكن مع ذلك كتاب نفيس هو وأيضاً ماتع، يعني ليس فيه من دقائق العلوم مثل ما في فتح الباري وعمدة القاري، لكنه ماتع يعني إذا ترجم لراوي، ذكر في ترجمته ما يطرب القارئ فأندر وأطرف ما في ترجمة هذا الراوي يذكره الكرماني، فهو من هذا الحيثية جيد وأيضا كونه سبقهم، سبق الشراح واستفادوا منه وفتح لهم الباب، وإن كان قبله شراح آخرون قبله الخطابي، وقبله ابن بطال وغيرهما من الشراح.
النووي أيضا شرح قطعة متمثلة في كتابه بدء الوحي والإيمان، مطبوعة هذه القطعة في المطبعة المنيرية ضمن مجموعة شروح البخاري، وهي أيضا قطعة مباركة يستفيد منها طالب العلم في هاذيين البابين فائدة كبيرة.
الشروح للإمام البخاري - رحمه الله تعالى - كتابه لقي عناية فائقة، ما وقِف عليه من الشروح أكثر من ثمانين شرح، منها كامل ومنها غير كامل، فضلا عما لم يوقف عليه.