يكن تأويلهم سائغاً، بل تأويل الخوارج ومانعي الزكاة أوجه من تأويلهم، أما الخوارج فإنهم ادعوا اتباع القرآن، وإن ما خالفه من السنة لا يجوز العمل به، وأما مانعوا الزكاة فقد ذكروا أنهم قالوا: أن الله قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} . وهذا خطاب لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فقط، فليس علينا أن ندفعها لغيره، فلم يكونوا يدفعونها لأبي بكر، ولا يخرجونها له.
وقال أيضاً: وقد اتفق الصحابة والأئمة بعدهم على قتال مانعي الزكاة، وإن كانوا يصلون الخمس، ويصومون شهر رمضان، وهؤلاء لم يكن شبهة سائغة، فلهذا كانوا مرتدين، وهم يقاتلون على منعها، وإن أقروا بالوجوب لما أمر الله.
وقال أيضاً: لكن من زعم أنهم يقاتلون كما تقاتل البغاة المتأولون فقد أخطأ خطأ قبيحاً، وضل ضلالاً بعيداً، فإن أقل ما في البغاة المتأولين أن يكون لهم تأويل سائغ، خرجوا به، ولهذا قالوا: إن الإمام يراسلهم، فإن ذكروا شبهة بينها، وإن ذكروا مظلمة أزالها.
وقال في "بغية المرتاد": إنما القصد ههنا التنبيه على أن عامة هذه التأويلات مقطوع ببطلانها، وإن الذي يتأوله أو يسوغ تأويله فقد يقع في الخطأ في نظيره أو فيه، بل قد يكفر من يتأوله. وقال أيضاً فيه: ذكر ابن هود الذي زعم أصحابه أن روحانية عيسى تنزل عليه.