والشارع - صلى الله عليه وسلم - لم يعذز قط في تأويل باطل. فقال - في أمر عبد الله بن حذاقة أمير السرية من تحته بدخول النار -: "لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، إنما الطاعة في المعروف". وقال - في المشجوج رأسه حيث أمروه بالغسل فمات - "قتلوه قاتلهم الله". وكيف غضب في تطويل معاذ - رضي الله عنه - صلاته بالقوم؟ وفي واقعة أخرى مثلها، لعلها لأبي بن كعب، وفي قتل خالد من قال:"صبأنا صبأنا" ولم يحسنوا أن يقولوا: "أسلمنا"، وفي قتل أسامة من قال:"لا إله إلا الله" فزعمها درأ لنفسه، وفي واقعة من أعتق عبيده عند الاحتضار ولم يكن له غيرهم. وغير ذلك من الوقائع. كالسؤال عن ضالة الإبل، مما كان التأويل فيها في غير محله، وعلى تعبير الفقهاء في فصل غير مجتهد فيه، بخلاف نحو ترك الصلاة عند الذهاب إلى بني قريظة، ومن صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت فتوضأ وأعاده ومن لم يعد فلم يعنف أحداً فيه، لأن التأويل فيه لم يكن قطعي البطلان، ولكم أسوة حسنة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله الهادي، ومن يضلل الله فما له من هاد.
[تفسير الزندقة والإلحاد والباطنية وحكمها ثلاثتها واحد وهو الكفر]
قال: التفتازاني في "مقاصد الطالبين في أصول الدين": الكافر إن أظهر الإيمان خص باسم "المنافق"، وإن كفر بعد الإسلام "فبالمرتد"، وإن قال بتعدد الآلهة "فبالمشرك"، وإن تدين ببعض الأديان "فبالكتابي" وإن أسند الحوادث إلى الزمان واعتقد قدمه