يريدون أن الحديث إذا كان خبر واحد يصلح مأخذاً ومبني لمسألة التكفير في حق المفتي، وأما الرجل المكفر اسم مفعول، فإنما يكفر في نفسه بإنكار القطعي لا بإنكار الظني، وذلك في حقه، وأما المفتي فيكفي في حقه ظنه بأن فلاناً أنكر قطعياً، ولا يجب له القطع، ونظيره أن خبر الواحد يعمل به في مسائل الرجم، ولا يثبت في الحكم إلا بشهادة أربعة ذكور، فهكذا ههنا، والحاصل أن الموجب لكفر الرجل في نفسه هو إنكار قطعي، وأما الموجه والمنبه للمفتي في مسألة تكفيره قد سكون حديثاً آحادياً فينبهه على أن إنكار أمر كذا كفر، ثم لا يكون ذلك الأمر في الواقع إلا قطعياً، ومثاله أن عد رجل عالم، وفهرس المتواترات والقطعيات، وذهل وغفل عن بعضها فلم يدخله في ذلك الفهرس، فجاء واحد آخر ونبهه على قطعيات أخر، فأدخل بقول ذلك الواحد تلك في الفرس؛ فقد تنبه بقول واحد للقطعي، فهكذا الأمر ههنا لم يكفر الرجل في نفسه إلا بإنكار القطعي، لكن المفتي قد يأخذ مسألة التكفير من خبر واحد فافهمه. وما يوهمه كلام شارح "الفقه الأكبر" أن بين الفقهاء والمتكلمين اختلافاً في مسألة التكفير، فالفقهاء قد يكفرون بإنكار الأمر الظني بخلاف المتكلمين فليس خلافاً في المسألة، وإنما هو اختلاف فن وموضوع،