اعلم أن أكثر من تكلم في مسألة التكفير أرجع إنكار المتواتر وتأويله إلى تكذيب الشارع، وإنه كفر والعياذ بالله، والذي يظهر - كما ذكره الحموي وابن عابدين في "رد المحتار"، والطحاوي في تعريف الكفر، من أن التكذيب عدم القبول لا نسبة الكذب، وكذا في "التلويح" - ـن الأمر لا يقتصر عليه، بل إنكار المتواتر، عدم قبول إطاعة الشارع، ولا في مرتبة الاعتقاد أيضاً، ورد للشريعة وإن لم يكذب، وهو كفر بواح بنفسه، قال في "الصارم المسلوم": وقد يكون مع العلم بجميع ما يصدق به تمرداً أو اتباعاً لغرض النفس، وحقيقته كفر، هذا لأنه يعرق الله ورسوله بكل ما أخبر به، ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون، لكنه يكره ذلك، ويبغضه ويسخطه لعدم موافقته لمراده ومشتهاه، ويقول: أنا لا أقر بذلك، ولا ألتزمه، وأبغض هذا الحق، وانفر عنه. فهذا نوع غير النوع الأول، وتكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام والقرآن، مملو من تكفير مثل هذا النوع، بل عقوبته أشد اهـ. وقال: وقد قال الإمام أبو يعقوب اسحاق بن إبراهيم الحنطلي المعروف "بابن راهوية"، وهو أحد الأئمة، يعدل بالشافعي وأحمد: قد أجمع المسلمون أن من سب الله، أو سب رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو دقع شيئاً مما أنزل الله، أو قتل نبياً من أنبياء الله، أنه كافر، ذلك وإن كان مقراً بما أنزل الله اهـ.