معتقدهم الذي أوجب تكفيرهم عند من كفرهم، وفي احتجابه بقوله:"بتمارى في الفوق" نظر، فإن في بعض طرق الحديث المذكور كما تقدمت الإشارة إليه، وكما سيأتي:"لم يعلق منه بشيء" وفي بعضها: "سبق الفرق والدم" وطريق الجمع بينهما أنه تردد: هل في الفوق شيء أولا؟ ثم تحقق أنه لم يعلق بالسهم ولا بشيء منه من الرمي شيء، ويمكن ان يحمل الاختلاف فيه على اختلاف أشخاص منهم، ويكون في قوله:"يتمارى" إشارة إلى أن بعضهم يبقى معه من الإسلام شيء. قال القرطبي في "المفهم": والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث، قال فعلى القول بتكفيرهم يقاتلون ويقتلون، وتسبى أموالهم، وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج، وعلى القول بعدم تكفيرهم يسلك بهم مسلك أهل البغي إذا شقوا العصا ونصبوا الحرب، فأما من استسرمنهم ببدعة، فإذا ظهر عليه هل يقتل بعد الاستتابة أولا يقتل بل يجتهد في رد بدعته؟ اختلف فيه بحسب الاختلاف في تكفيرهم، قال: وباب التكفير باب خطر، ولا نعدل بالسلامة شيئاً.
قال: وفي الحديث علم من أعلام النبوة حيث أخبر بما وقع قبل أن يقع، وذلك أن الخوارج لما حكموا بكفر من خالفهم استباحوا دمائهم وتركوا أهل الذمة فقالوا: نفى لهم بعهدهم، وتركوا قتال المشركين، واشتغلوا بقتال المسلمين، وهذا كله من آثار غباوة الجهال الذين لم تنشرح صدورهم بنور العلم، ولم يتمسكوا بحبل وثيق من العلم، وكفى أن رأسهم رد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره، نسبه إلى الجور. - نسأل الله السلامة -.
قال ابن هبرة: وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، والحكمة نية أن في قتالهم مسقط رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك