لعمر - رضي الله عنه - لشدته في الدين، وفيه أنه لا يكتفي في التعديل بظاهر الحال ولو بلغ المشهود بتعديله الغاية في العبادة والتقشف والورع حتى يختبر باطن حاله.
(أيضا) : وفيه: منع قتال من قال: لا إله إلا الله، ولو لم يزد عليها، وهو كذلك ولكن هل يصير بمجرد ذلك مسلماً؟ الراجح: لا، بل يجب الكف عن قتله حتى يختبر، فإن شهد بالرسالة والتزم أحكام الإسلام حكم بإسلامه؛ وإلى ذلك الإشارة بالاستثناء بقوله: إلا بحق الإسلام. قال البغوي: الكافر إذا كان وثنياً أو ثنوياً، لا يقر بالوحدانية فإذا قال: لا إله إلا الله حكم بإسلامه، ثم يجبر على قبول جميع أحكام الإسلام ويبرأ من كل دين خالف دين الإسلام، وأما من كان مقراً بالوحدانية منكراً للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول: محمد رسول الله، فإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصة فلابد أن يقول إلى جميع الخلق، فإن كان كفر بجحود واجب أو استباحة محرم فيحتاج أن يرجع عما اعتقده، ومقتضى قوله يجبر أنه إذا لم يلتزم تجري عليه أحكام المرتد، وبه صرح القفال آهـ.
(أيضاً) : وقال الغزالي في "الوسيط" - تبعاً لغيره -: في حكم الخوارج وجهان، أحدهما: أنه كحكم أهل الردة، والثاني: أنه كحكم أهل البغي، ورجح الرافعي الأول، وليس الذي قاله مطرداً في كل خارجي، فإنه على قسمين: أحدهما من تقدم ذكره، والثاني: من خرج في طلب الملك لا للدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضاً: قسم خرجوا غضباً للدين من أجل جور الولاة، وترك عملهم بالسنة النبوية، فهؤلاء أهل حق، ومنهم: الحسين بن علي - رضي الله عنه -، وأهل المدينة في الحرة، والقراء الذين خرجوا على