للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السادس: إن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، وذلك من كلام ابن هبيرة، وأقول: كذلك إكفار المتأولين والملحدين أهم من إكفار المعاندين، فإن التأويل يتخذ ديناً كما اتخذه أتباع ذلك الدجال بخلاف التعمد، هذا وقد بوب البخاري قبل هذا على إنكار بعض الضروريات، وأنه ارتداد فقال: (باب قتل من أبي قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة) .

وأخرج فيه حديث قتال أبي بكر مع من فرق الصلاة والزكاة، فجعلهم مرتدين، مع أنهم كانوا متاولين، فظهر أن التأويل في ضروريات الدين لا يدفع الكفر، وغاية ما يوسع فيه هو الإنذار والاستتابة، فإن تاب وإلا قتل كفراً، وليس ذلك إكراهاً مذموماً بل هو إكراه على الحق الذي وضحت حقيته، فهو عين العدل وعين الصواب. قال القاضي أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" في قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} الآية. المسألة الثانية قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ} عموم في نفي إكراه الباطل، فأما الإكراه بالحق فإنه من الدين، وهل يقتل الكافر إلا على الدين. قال - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} اهـ. وأعاده في "الممتحنة". وقال في "الصحيح" عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عجب ربكم من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل اهـ". والحق أن الإكراه على الحق الذي كان وضوحه بديهياً ليس بإكراه، واختاره في "روح المعاني" أيضاً.

<<  <   >  >>