فاتفق رأينا على أن من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. قال أحمد بن القاسم بن عطية: سمعت أبا سليمان الجوزجاني يقول: سمعت محمد ابن الحسن يقول: والله لا أصلي خلف من يقول: القرآن مخلوق؛ ولا استفتي إلا أمرت بالإعادة. "كتاب العلو".
وأرادوا بخلق القرآن كونه منفصلاً عن الله لا قائماً به ولا صفة له، فلا ينافي حدوث الكلام اللفظي، أعني جزئياته، صرح بهذه العناية الحافظ ابن تيمية في عدة من تصانيفه.
قلت: وفي "المسايرة": إن أبا حنيفة رحمه الله قال لجهم. أخرج عني يا كافر. وفي "الرسالة التسعينية" للحافظ ابن تيمية باسناد عن محمد قال: قال أبو حنيفة رحمه الله: لعن الله عمرو بن عبيد. ثم حمل في "المسايرة" قوله لجهم على التأويل، وهذا غير ظاهر، كيف وقد ورد الوعيد الشديد في إكفار المسلم. فحاشا جناب الإمام رحمه الله عن ذلك لو لم يكن عنده كافراً.
قال سمعت سليمان يقول سمعت الحارث بن ادريس يقول: سمعت محمد ابن الحسن الفقيه يقول: من قال: القرآن مخلوق فلا تصل خلفه. وقرأت في كتاب أبي عبد الله محمد بن يوسف ابن إبراهيم الدقاق روايته عن القاسم بن أبي صالح الهمذاني عن محمد بن أبي أيوب الرازي قال: سمعت محمد بن سابق يقول: "سألت أبا يوسف فقلت: أكان أبو حنيفة يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: معاذ الله، ولا أنا أقوله. فقلت: أكان يرى رأي جهم؟ فقال: معاذ الله، ولا أنا أقوله". رواته ثقات.