وتضليلهم، وإنما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين في مذهب مالك وأحمد رحمهما الله تعالى، وفي مذهب الشافعي رحمه الله تعالى أيضاً نزاع في كفرهم، ولذا كان فيهم وجهان في مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى، أحدهما: أنهم بغاة، والثاني: أنهم كفار كالمرتدين يجوز قتلهم ابتداءً، وقتل أسيرهم وأتباع مدبرهم، ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل، كما إن مذهبه في مانعي الزكاة إذا قاتلوا الإمام عليها، هل يكفرون مع الإقرار بوجوبها على روايتين.
وقال فيه: والصواب أن هؤلاء ليسوا من البغاة المتأولين، فإن هؤلاء ليس لهم تأويل سائغ أصلاً، وإنما هم جنس الخوارج المارقين ومانعي الزكاة، وأهل الطائف والحرمية ونحوهم ممن قوتلوا على ما خرجوا عنه من شرائع الإسلام، وهذا موضع اشتبه على كثير من الناس من الفقهاء، فإن المصنفين في قتال أهل البغي جعلوا قتال مانعي الزكاة وقتال الخوارج، وقتال علي - رضي الله عنه - لأهل البصرة، وقتاله لمعاوية وأتباعه من قتال أهل البغي، وذلك كله مأمور به، وفرعوا مسائل ذلك تفريع من يرى ذلك بين الناس، وقد غلطوا، بل الصواب ما عليه أئمة الحديث والسنة وأهل المدينة النبوية، كالأوزاعي رحمه الله، والثوري رحمه الله، ومالك رحمه الله، وأحمد بن حنبل رحمه الله وغيرهم أنه يفرق بين هذا وهذا.
وقال أيضاً: وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه