وقال من باب الخوف من الله - عز وجل -، عن العارف لبن أبي جمرة: وأما ما أوصى به فلعله كان جائزاً في شرعهم ذلك لتصحيح التوبة، فقد ثبت في شرع بني إسرائيل قتلهم أنفسهم لصحة التوبة اهـ.
قلت: والمراد بقوله: "لئن قدر الله علي" لئن وافاني وأنا جميع وأدركني قبل التوبة، وذلك بأن أراد وقضاه علي، لا التردد في نفس القدرة، فقد ذم الله تعالى شأنه، ونعى على اليهود في قوله:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} إلى قوله سبحانه وتعالى {عَمَّا يُشْرِكُونَ} . ففي بعض الروايات: إنها نزلت في ذلك، ولعل الإشراك على هذا هو إحصاء قدرة الله بمكيال عقولهم السقيمة، وقياسها بما في أذهانهم وخيالهم. وما عند البخاري في رجل كان وقع على جارية امرأته فأخذ حمزة بن عمرو الأسلمي من الرجل كفلاء. حتى قدم على عمر، وكان عمر - رضي الله عنه - قد جلده مائة جلدة فصدقهم وعذرهم بالجهالة اهـ. فالذي ظهر أن المراد به اعتباره شبهة الفعل المعتبرة في ذلك الباب لا غير، وفي المسألة حديث عند أبي داؤد والطحاوي وغيرهما، فهذا هو الوجه. وكون أحد حديث عهد بالإسلام عذر عند فقهائنا أيضاً. وفي "بغية المرتاد" للحافظ ابن تيمية: وإن الأمكنة والأزمنة التي تفتر فيها النبوة لا يكون حكم من خفيت عليه آثار النبوة حتى أنكر ما جاءت به خطأ كما يكون حكمه في الأمكنة والأزمنة التي ظهرت فيها آثاره النبوة اهـ.
ويريد - رحمه الله - بإقامة الحجة في تصانيفه في مسألة التكفير: التبليغ لا غير، كأخبار معاذ، ودعوة علي - رضي الله عنه - ليهود خيبر، وقد بوب عليه