وقال في "الصارم المسلول": ولهذا قال سبحانه وتعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ولم يقل: قد كذبتم في قولكم: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} ، فلم يكذبهم في هذا العذر، بل بين أنهم كفروا بعد إيمانهم بهذا الخوض واللعب آه. وأوضحه في محل آخر. والجصاصا في "أحكامه".
وعلى هذا فلا يبعد أن يقال: إن تكفير المسلم المعلوم إسلامه قد جعله الشرع في الحديث المار كفراً بنفسه، وللشارع ولاية ذلك، لا لتضمنه اعتقاد أن الإسلام كفر، وقال الله تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} والله ولي الأمرو، ووجه الغزالي كما في "إيتار الحق": بأنه لما كان معتقد الإسلام أخيه كانة قوله: إنه كافر قولاً بأن الذي هو عليه كفر، والذي هو عليه دين الإسلام فكأنه قال: إن دين الإسلام كفر، وهذا القول كفر من قائله وإن لم يعتقد ذلك اهـ. فجعله هزلاً بلفظ الكفر، وهذا يصدق على هذا الشقى وأتباعه، فإنهم يكفرون كل الأمة في هذا العصر، فيجب أن يكفروا هو لاا الأمة، فقد حار عليهم، والله يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد:
فقد كان هذا لهم لا لهم ... فأولى لهم ثم أولى لهم
قال في "زاد المعاد" من أحكام الفتح: وهذا بخلاف أهل الأهواء والبدع، فإنهم يكفرون ويبدعون لمخالفة أهواءهم وبجهلهم، وهم أولى بذلك ممن كفروه وبدعوه اهـ.