للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أثبتنا في الفصول الآتية إجماع أهل الحل والعقد على أن: تأويل الضروريات وإخراجها عن صورة ما تواتر عليه، وكما جاء، وكما فهمه، وجرى عليه أهل التواتر، أنه كفر. وذهبت الحنفية بعد هذا إلى أن إنكار الأمر القطعي وإن لم يبلغ إلى حد الضرورة كفر. صرح به الشيخ ابن الهمام في "المسايرة" وهو متجه من حيث الدليل.

ثم إن الأمر الشرعي الضروري قد يكون التعبير عنه وتفهيمه للناس سهلاًَ، ويشترك لسهولته فيه الخواص والأوساط والعوام، فإذا تواتر مثل ذلك عن صاحب الشرع وكان مكشوف المراد لم تتجاذب الأدلة فيه وجب الإيمان به على حاله بدون تصرف وتعجرف، وذلك كمسألة ختم النبوة، لا إشكال ولا إعضال في فهمها، ويفهمه الكواف بجملة: "إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي". أو بجملة: "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات". يكفي في فهم هذه المسألة وحقيقتها هذه الحروف. ثم إذا تواتر عن صاحب الشرع، واستفاض عنه نحو مائة وخمسين مرة وأزيد، وأصر عليه وبلغه على رؤوس المناير والمنابر، ولم يشر مرة إلى الدهر إلى أنه متأول، وفهمت عنه الأمة المشاهدون والغائبون طبقة بعد طبقة، واشتهر عند العامة أن لا نبوة بعد ختم الأنبياء، وإنما ينزل عيسى عليه السلام من السماء حكماً مقسطاً، وتكون جرت شؤون وملاحم، ودارت دوائر بين المسلمين والنصارى، فيقوم المهدي - عليه السلام - لإصلاح المسلمين، وينزل عيسى - عليه السلام - لإصلاح النصارى، وقتل اليهود، ويكون الدين كله لله.

<<  <   >  >>