عمر - رضي الله عنه - غرضهم، ثم إنهم كانوا يأولون أيضاً في منع الزكاة تأويلات تبرعاً، وجعلهم أبو بكر - رضي الله عنه - مرتدين بهذا والله أعلم. فكان اختلاف الشيخين في غرض مانعي الزكاة، وفي ما دعاهم إلى المنع جعل عمر السبب الأصلي بغيهم، ومنعهم الزكاة له، وجعله أبو بكر الردة، فالخلاف في تحقيق الواقعة والكشف عنها، ولو تحقق عند عمر - رضي الله عنه - أنهم أنكروا الزكاة رأساً لكفرهم هو أيضاً، ولم يتردد أصلاً، ثم رأيت الإمام الحافظ جمال الدين الزيلعي رحمه الله تعالى صرح في "تخريج الهداية" من الجزية بمثله. وينبغي أن يراجع ما في "منهاج السنة" أيضاً وما في "الكنز" من قتاله - رضي الله عنه - مع أهل الردة، ففيه أن عمر - رضي الله عنه - جعلهم مرتدين، ولكن لم ير للمسلين قوة عليهم. وفي "الرياض" للمحب الطبري عن عمر - رضي الله عنه - لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وارتدت العرب، وقالوا: لا نؤدي زكاة، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: "لو منعوني عقالاً لجاهدتهمك عليه، فقلت: يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تألف الناس وارافق بهم. فقال: لي إجبار في الجاهلية، وخوار في الإسلام، أنه قد انقطع الوحي، وتم الدين، أو ينقص وأنا حي". أخرجه النسائي.