للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحاضرة وأيضا: عالم بشرائع الملائكة وتكاليفهم، فثبت أن جبريل أعلم، فوجب أن يكون أفضل؛ أقصى ما في الباب أن يقال: إن آدم علم الأسماء كلهاولم تعلمها الملائكة، ولكن من الظاهر أن العلم بالحقائق والشرائع أفضل من العلم بالأسماء فكان جبريل أفضل من آدم.

الحجة الثالثة عشرة: قوله تعالى: (إِنّهُ لَقَولُ رَسُولٍ كَرِيم) الحاقة:٤٠، التكوير: ١٩ وصف الله تعالى جبريل بستة من صفات الكمال، أحدها: كونه رسولا من عند الله، وثانيها: كونه كريما على الله، وثالثها: كونه ذا قوة عند الله، ومعلوم أن قوته عند الله لا تكون إلا قوته على الطاعات، وتخصيصه بالذكر في معرض المدح، يدل على أن تلك القوة غير حاصلة لغيره، ورابعها: كونه مكينا عند الله، وخامسها: كونه مطاعا في عالم السموات، وهذا يقتضي أن يكون مطاعا لكل الملائكة لأن الإطلاق وعدم التقييد في معرض المدح يفيد ذلك، وسادسها: كونه أمينا في كل الطاعات وفي تبليغ وحي الله تعالى: الحجة الرابعة عشرة: قوله تعالى: (ما هَذا بَشَرا إِن هَذا إِلا مَلَكٌ كَرِيم) يوسف: ٣١ فالمراد من هذا التشبيه إما تشبيه يوسف بالملك في صورته أو في سيرته، والثاني أولى لأنه شبهه بالملك الكريم والملك إنما يكون كريما بالسيرة لا بالصورة فثبت أن المراد تشبيهه بالملك في نفي دواعي الشهوة ونفي الحرص على طلب اللذات الحسية، وإثبات ضد ذلك، وهي صفة الملائكةن وهي غض البصر ومنع النفس عن الميل إلى المحرمات، فدلت هذه الآية على إطباق العقلاء من الرجال والنساء والمؤمن والكافر على اختصاص الملائكة بالدرجات الفائقة على درجات البشر، فإن قيل: قول المرأة (فَذلِكَ الذَي لُمتُنَنَي فِيهِ) يوسف: ٣٢ يقتضي أن يكون تشبيه يوسف بالملك إنما وقع في الصورة لا في السيرة لأن ظهور عذرها في شدة عشقها

<<  <   >  >>