للمسكن فلا يتشرف به الساكن، والأجساد مساكن الأرواح وقد اختلف الناس في التفضيل الواقع بين البشر والملك، فإن فاضل بينهما مفضل من جهة تفاوت الأجساد التي هي مساكن الأرواح، فلا شك أن أجساد الملائكة أشرف وأفضل من أجساد البشر المركبة من الأخلاط، وإن فاضل بين أرواح البشر وأرواح الملائكة مع قطع النظر عن الأجساد التي هي مساكن الأرواح. فأرواح الأنبياء أفضل من أرواح الملائكة، لأنهم فضلوا عليهم من وجوه: الإرسال ورسل الملائكة قليل؛ ولأن رسول الملائكة يأتي إلى نبي واحد ورسول البشر يأتي إلى الأمم وإلى أمة واحدة فيهديهم الله على يديه فيكون له أجر بتبليغه ومثل أجر من اهتدى على يديه وليس مثل هذا للملائكة. الوجه الثاني: القيام بالجهاد في سبيل الله، الوجه الثالث: الصبر على مصائب الدنيا ومحنها والله يحب الصابرين، الوجه الرابع: الرضى بمر القضاء وحلوه، الوجه الخامس: نفع العباد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفع المكاره وجلب المنافع، وليس للملائكة شيء من هذا. الوجه السادس: ما أعده الله لعباده في الآخرة مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولم ينسب للملائكة شيء من هذا، الوجه السابع: ما أعد الله لهم في الآخرة من النعيم الروحاني كالأنس الرضى والنظر إلى وجهه الكريم، فإن قيل الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون والأنبياء ينامون ويفترون، قلت: إذا فتر الأنبياء عن التسبيح يأتون في حال فتورهم بالثناء على الرب عز وجل ومن الطاعات والعبادات بما هو أفضل من التسبيح والنوم يختص بأجسادهم وقلوبهم متيقظى غير نائمة، وسيساوونهم في الآخرة في إلهام التسبيح كما يلهمون النفس، الوجه الثامن: مختص بآدم عليه السلام أن الله عز وجل عرفه من أسماء كل شيء ومنافعه مالا يعرفون، الوجه التاسع: أيضا مختص بآدم أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود له، ولا شك أن المسجود له أفضل من الساجدين، وعلى