عند اتحاد الحالين، وإن تفاوتا في الأحوال فإن كانت إحدى الحالين أشرف وأطول زمانا فلا شك أن صاحبها أشرف وأفضل، مثاله الخائف مع الهائب، فإن الهيبة أفضل من الخوف فإذا طال زمان الهيبة وقصر زمان الخوف فقد فضلته من وجهين، وإن استوى الزمان كان الهائب أفضل، وكذلك إن قصر زمان الهيبة وطال زمان الخوف كانت الهيبة أفضل لعلو رتبتها وشرفها، ألا ترى أن وزن دينار من الجوهر أفضل من الدينار؛ والدينار أفضل من الدرهمين، والعشرة لشرف وصفه على وصف الفضة، والدرهم أفضل من مائة درهم من النحاس؛ لشرف وصفه، وبهذا الميزان يعرف تفاوت الرجال، فيعرف الخائف بظهور آثار الخوف عليه كما يعرف الهائب بظهور آثار الهيبة عليه، وكذلك القول في المحبة والرضى والتوكل والرجاء وسائر الأحوال فإن ظهرت آثار الهيبة على إنسان وآثار الخوف والرجال على آخر علمنا أن من ظهرت عليه آثار الهيبة أفضل من صاحبه وكذلك إذا ظهرت على أحد رجلين آثار محبة الإنعام والإفضال، وظهرت على الآخر آثار محبة الجلال والجمال، فصاحب المحبة على معرفة الجلال والجمال أفضل من صاحب محبة الإنعام والإفضال لتعلق محبة الجلال والجمال بذات الله تعالى وصفاته، وتعلق بمحبة الإنعام والإفضال بغير الله تعالى، وبمثل هذا الأسلوب تعرف محبة الرجال، وكذلك تعرف مراتب الطائعين بملابسة بعضهم لأفضل الطاعات وبملابسة الآخرين لأدنى الطاعات، فإن استووا في الطاعة؛ لم يجز لأفضل الطاعات وبملابسة الآخرين لأدنى الطاعات فإن استووا في الطاعة؛ لم يجز التفضيل في باب الطاعات وإن كثرت طاعات أحدهم وقلت معارف الآخر وأحواله؛ قدم شرف العلم والأحوال على شرف الأعمال والأقوال ولهذا جاء في الحديث:) ما سبقكم أبو بكثرة صوم ولا صلاة ولكن بأمر وقر في صدره