السجود لله وآدم قبلة لاه، وإن كان السجود لآدم، لكن إنما يدل ذلك على كون المسجود له أفضل من الساجد، أن لو كان عرف الملائكة كعرفنا، وهو غير مسلم، سلمنا دلالة ما ذكرتموه على تفضيل الأنبياء، لكنه معارض مما يدل على تفضيل الملائكة من جهة العقل والنقل، أما العقل: فهو أن الملائكة جواهر روحانية علوية غير كائنة ولا فاسدة وهي مبادىء الكائنات الفاسدات ولا يلحقها غفلة ولا غضب ولا ألم ولا غيره من صفات النقائض بخلاف الأنبياء، فكانوا افضل منهم، وأما النقل فمن وجوه، منها: أن الله تعالى وصفهم بأنهم عنده بقوله: (وَمَن عِندَهُ لاَ يَستَكبِرُونَ عَن عِبادَتِهِ) الأنبياء: ١٩ وليست العندية بمعنى الجهة والحيز لعدم ذلك في حقه، فكانت بمعنى الفضيلة، ومنها: أن عبادة الملائكة دائمة من غير فتور لقوله: (يُسَبِحُونَ اللَيلَ وَالنَّهارَ لاَ يَفتَرُونَ) الأنبياء: ٢٠ فكانت اشق من عبادات الأنبياء، فكان ثوابها أكثر لحديث عائشة ولئلا تخلو زيادة المشقة عن حكمة لكونه قبيحا، ولا معنى لكونهم أفضل غير زيادة ثوابهم ومنها: أن عباداتهم أسبق فكانوا أفضل لقوله تعالى: (وَالسابِقُونَ السَابِقُونَ أَولَئِكَ المُقَرَبونَ) الواقعة: ١٠، ١١ومنها: قوله تعالى: (وَتَرَى المَلائِكَةَ حافِينَ مِن حَولِ العَرشِ) الزمر: ٧٥ تنبيهاعلى علو عظمته ولو كان من هو أفضل منهم لكان أولى بذكره هنا ومنها: انهم الحفظة للبشر عن المعاصي لقوله تعالى: (وَإِنَّ عَلَيكُم لَحَافِظِين) الإنفطار: ١٠ والحافظ لغيره عن المعصية لا بد أن يكون أبعد عنها فكان أفضل، ومنها: أن الله تعالى ابتدأ بذكر الملائكة ثم الأنبياء بقوله: (الله يَصطَفَى مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) الحج: ٧٥ والعرف شاهد بفضيلة المتقدم في الذكر والأصل تنزيل العرف الشرعي عليه، ويدل عليه قول عمر للقائل:........................... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
" لو قدمت الإسلام لأعطيتك " ومنها: أنهم أعلم من الأنبياء بالأمور العلوية لكثرة مشاهدتهم لها. وبالقضايا الشرعية، لأنهم الوسيلة في معرفة