الرَحمَنُ وَقَالَ صَوابا) النبأ: ٣٨ ولولا أن الملائكة أعظم المخلوقات درجة؛ وإلا لم يصح هذا الترتيب.
الثاني: أنه تعالى قال: (كُلٌ آَمَنَ بِالله وَمَلائِكَتَهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلُهِ) البقرة: ٢٨٥، هذا هو الترتيب الصحيح؛ لأن الإله هو الموجود الأشرف ويتلوه درجة الملائكة، ثم إن الملك يأخذ الكتاب من الله تعالى ويوصله إلى الرسول، وهذا يقتضي أن يكون الترتيب هكذا: الإله والملك والكتاب والرسول، وهذا هو الترتيب المذكور في القرآن، وهذا يدل على شرف الملك على البشر.
الثالث: أن الملائكتة جواهر مقدسة عن ظلمة الشهوات وكدورات الغضب قطعا، وطعامهم التسبيح وشرابهم التقديس، وأنسهم بذكر الله تعالى فكيف يمكن مناسبتهم مع الموصوف بالغضب والشهوة.
الرابع: أن الأفلاك تجري مجرى الأبدان للملائكة، والكواكب تجري مجرى القلوب ونسبة البدن إلى البدن والقلب إلى القلب كنسبة الروح إلى الروح في الإشراق والصفاء. انتهى، وقال الإمام سيف الدين الآمدي في كتاب مناهج القرائح: ذهب الشيعة وأكثر أصحابنا وأكثر الناس إلى تفضيل الأنبياء على الملائكة، خلافا للفلاسفة والمعتزلة والقاضي، حجة أصحابنا أن الملائكة أمروا بالسجود لآدم والسجود من أعظم أنواع الخدمة للمسجود له وهو دليل كونهم مفضولين بالنسبة إلى آدم عند الله، فإن كان ذلك حالة ثبوته؛ فهو المطلوب، وإن كان قبلها فالفضيلة بعدها أولى، فإن قيل السجود الذي يتحقق به المفاضلة إنما هو السجود الحقيقي وهو وضع الجبهة على الأرض وهو غير مسلم التصور في حق الملائكة، إلا أن تكون أجساما وهو ممنوع وإن تصور ذلك في حقهم، لكن يحتمل أن يكون المراد بالسجود التواضع اللازم للسجود فعبر باسم الملزوم عن اللازم، وتواضع الشخص لغيره لا يدل على كونه مفوصلا، ودليل إرادة هذا الإحتمال ما يأتي وإن كان الأمر بنفس