ذات روح وراحة، فمسلم لكن لا يلزم من ذلك فضلها على الأنبياء وإلا كان كل من كان في روح وراحة أفضل ممن لم يكن كذلك حتى العامي بالنسبة إلى النبي وهو محال، وإن كان بغير ذلك فلا بد من تصويره، وأما من جهة أنها علوية فلا تستحق التفضيل وإلا كانت أجرام السموات أفضل من الأنبياء، وهو خلاف إجماع الخصمين، وأما باقي الصفات فغير مسلمة على ما عرف من أصولنا.
وعن الأول: من جهة المنقول بأنه وإن دل على الفضيلة لا يدل على الأفضلية مع معارضته بقوله تعالى في حق البشر: (فَي مَقعَدِ صِدقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُقتَدِر) القمر:٥٥ وعن الثاني: بمنع زيادة المشقة في عبادات الملائكة وما ذكروه في ذلك فهو مقابل بما يدل على زيادة المشقة في عبادة الأنبياء، وذلك أنهم مكلفون بها مع استيلاء الموانع عنها عليهم، كالشهوة والحرص والغضب والهوى، ووسوسة الشيطان وضعف الأبدان إلى غير ذلك مما لا تحقق له في حق الملائكة، وذلك إن لم يوجب الزيادة فلا أقل من المساواة.
وعن الثالث: بمنع دلالة سبقهم على الفضيلة والآية فقد قال بعض المفسرين فيها: المراد بذلك السابقون في الدنيا إلى الخيرات وقد قيل: إلى الرواح إلى المسجد والخروج في سبيل الله، وقيل: إلى التصديق بالأنبياء من أممهم ولا مدخل للملائكة في شيء من ذلك.
وعن الرابع: أنه وإن دل على عظمة الله بخدمة الجبابرة والعظماء له وأن الملائكة أشد وأقوى، فليس في ذلك ما يدل على فضيلتهم بكثرة ثوابهم.
وعن الخامس: بمنع نسبة حفظ البشر عن المعاصي إلى غير الله تعالى بل غايته أنهم حفظة وشهداء على أفعال البشر، ولا يلزم أن يكون الشاهد أفضل من المشهود عليه.